والثروات الفكرية المتميزة في وضع قواعد الأخلاق وأصول القيم والفضائل وعلوم التوحيد وكيفية التوجه والتضرع بالدعاء في ذلك الجو المشحون بالرذائل وفقدان القيم، ولإعادة المسلمين إلى مسارهم الصحيح، ما هي إلا واحدة من ثمرات تلك المدرسة والآثار القيمة التي تركها لنا الإمام زين العابدين (عليه السلام).
وبالتخطيط الفكري في توعية الروح العقائدية في الأمة، يعتبر الإمام السجاد (عليه السلام) المؤسس الثاني لمدرسة أهل البيت بعد المؤسس الأول (صلى الله عليه وآله) والمشيد على ذلك الصرح الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام).
كان منزل الإمام السجاد (عليه السلام) مدرسة، ومسجد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) مركزا لمدرسته، ومعهدا لتعليم طلابه، ونقطة انطلاق لتدريب تلامذته لبث العلوم الدينية إلى العالم وإلى الأجيال الصاعدة، فكان يلقي محاضراته وبحوثه على العلماء والفقهاء، وكانت تلك البحوث تتناول العلوم الإسلامية المهمة والحساسة، منها علم التفسير، وعلم الفقه، والحديث، والفلسفة، وعلم الكلام، وقواعد السلوك، والأخلاق.
كما كان يلقي في كل جمعة خطابا عاما جامعا على الناس يعظهم فيه، ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الآخرة، وكان الناس يحفظون كلامه ويكتبونه (1)، وقد التف العلماء والفقهاء والقراء حول الإمام (عليه السلام) لا يفارقونه حتى في سفره إلى حج بيت الله الحرام، يستمعون إلى حديثه ويسجلون فتاواه، ويدونون ما يمليه عليهم من علوم ومعارف وحكم وآداب. وقد تخرج في مدرسته مجموعة كبيرة من فطاحل العلماء والفقهاء الذين اشتهروا بالرواية عنه (عليه السلام). منهم على سبيل