وقال له: امض لشأنك، ثم قال: اللهم أعنه. فسعى نحو عمرو ومعه جابر بن عبد الله الأنصاري؛ لينظر ما يكون منه ومن عمرو، فلما انتهى أمير المؤمنين (عليه السلام) إليه قال له: يا عمرو، إنك كنت في الجاهلية تقول: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلا قبلتها أو واحدة منها! قال: أجل. قال: فإني أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن تسلم لرب العالمين.
قال: يا بن أخ أخر هذه عني. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أما إنها خير لك لو أخذتها، ثم قال: فهاهنا أخرى. قال: ما هي؟ قال: ترجع من حيث جئت. قال:
لا تحدث نساء قريش بهذا أبدا. قال: فهاهنا أخرى. قال: ما هي؟ قال: تنزل فتقاتلني. فضحك عمرو وقال: إن هذه الخصلة، ما كنت أظن أن أحدا من العرب يرومني عليها! وإني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك، وقد كان أبوك لي نديما.
قال علي (عليه السلام): لكني أحب أن أقتلك، فانزل إن شئت! فأسف عمرو ونزل، وضرب وجه فرسه حتى رجع.
فقال جابر (رحمه الله): وثارت بينهما قترة؛ فما رأيتهما، وسمعت التكبير تحتها، فعلمت أن عليا (عليه السلام) قد قتله، وانكشف أصحابه حتى طفرت خيولهم الخندق، وتبادر المسلمون حين سمعوا التكبير ينظرون ما صنع القوم، فوجدوا نوفل بن عبد الله في جوف الخندق لم ينهض به فرسه، فجعلوا يرمونه بالحجارة، فقال لهم: قتلة أجمل من هذه! ينزل بعضكم أقاتله!! فنزل إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، فضربه حتى قتله. ولحق هبيرة فأعجزه، فضرب قربوس (1) سرجه، وسقطت درع كانت عليه، وفر عكرمة، وهرب ضرار بن الخطاب.