قالوا: اللهم نعم.
قال: " فأنشدكم الله هل تعلمون ان عليا كان أولهم اسلاما، واعلمهم علما، وأعظمهم حلما، وانه ولي كل مؤمن ومؤمنة "؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: " فبم تستحلون دمي، وأبي الذائد عن الحوض يذود عنه رجالا، كما يذاد البعير الصادر عن الماء، ولواء الحمد في يد أبي يوم القيامة "؟
قالوا: قد علمنا ذلك كله، ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا.
فأخذ الحسين (عليه السلام) بطرف لحيته وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة، ثم قال: إشتد غضب الله على اليهود حين قالوا عزير بن الله، واشتد غضب الله على النصارى حين قالوا المسيح بن الله، واشتد غضب الله على المجوس حين عبدوا النار من دون الله، واشتد غضب الله على قوم قتلوا نبيهم، واشتد غضب الله على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم! (1) وزاد السيد ابن طاووس: فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه، بكين وندبن ولطمن وارتفعت أصواتهن، فوجه إليهن أخاه العباس وعليا ابنه وقال لهما: " سكتاهن فلعمري ليكثرن بكائهن ". (2) إنه البكاء على مظلوم قد أتم كل ما بوسعه من الحجج البالغة، ولكن لا أذن كانت صاغية لنداء الحب والهداية ونبذ الخصومة للحق.
وجاء في كتاب كشف الغمة، أنه (عليه السلام) أنشد إتماما للحجة على الناس، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة:
أبي علي وجدي خاتم الرسل * والمرتضون لدين الله من قبلي والله يعلم والقرآن ينطقه * ان الذي بيدي من ليس يملك لي ما يرتجي بامرء لا قائل عذلا * ولا يزيغ إلى قول ولا عمل ولا يرى خائفا في سره وجلا * ولا يجاوز من هفو ولا زلل يا ويح نفسي ممن ليس يرحمها * أما له في كتاب الله من مثل