من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٨٨
زهير بن ألقين البجلي، وكان عثماني الهوى، وقد حج بيت الله في تلك السنة، وكان يساير الإمام في طريقه، ولا يحب أن ينزل معه مخافة الاجتماع به إلا أنه اضطر إلى النزول قريبا منه، فبعث إليه الإمام الحسين رسولا يدعوه إليه، وكان زهير مع جماعته يتناولون طعاما صنع لهم، فأبلغه الرسول مقالة الحسين فذعر القوم وطرحوا ما في أيديهم من طعام كأن على رؤوسهم الطير، وأنكرت زوجة زهير عليه ذلك، وقالت له: " سبحان الله!! أيبعث إليك ابن بنت رسول الله ثم لا تأتيه؟! لو أتيته فسمعت كلامه!! " وانطلق زهير على كره منه إلى الإمام فلم يلبث أن عاد مسرعا وقد تهلل وجهه وامتلأ غبطة وسرورا، ثم أمر بفسطاطه وما كان عنده من ثقل ومتاع فحوله إلى الإمام الحسين (عليه السلام) وقال لزوجته: " أنت طالق "! فأمر غلامه أن يوصلها إلى مأمنها كيلا تتضرر من جهاده في ركاب الحسين.
ماذا أسر إليه ريحانة رسول الله حتى جعله يتغير هذا التغيير؟
هل وعده بمال أو مغنم؟
ولو وعده بذلك لما طلق زوجته، ولا ودع أصحابه الوداع الأخير...
نعم لقد بشره بالشهادة والفوز بالجنة، وذكره بحديث طالت عليه الأيام فنساه...
وقد حدث به أصحابه قائلا:
" سأحدثكم حديثا، غزونا (بلنجر) ففتح الله علينا، وأصبنا غنائم ففرحنا، وكان معنا سلمان الفارسي، فقال لنا: أفرحتم بما فتح الله عليكم وأصبتم من الغنائم؟
فقلنا: نعم.
فقال إذا أدركتم سيد شباب آل محمد (صلى الله عليه وآله) فكونوا أشد فرحا بقتالكم معه مما أصبتم اليوم من الغنائم ".
وروى إبراهيم بن سعيد وكان قد صحب زهيرا حينما مضى إلى الإمام أنه (عليه السلام) قال له - يعني زهير -: انه يقتل في كربلاء، وان رأسه الشريف يحمله زجر بن قيس إلى يزيد يرجو نواله فلا يعطيه شيئا.
لقد ساعد التوفيق زهيرا فالتحق بموكب العترة الطاهرة، وصار من أصلب المدافعين
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»