واتفقا على هذا، فتياسر الإمام عن طريق العذيب والقادسية وأخذت قافلته تطوي البيداء، وكان الحر يتابعه عن كثب، ويراقبه كأشد ما تكون المراقبة (1).
في هذا الموقف للإمام الحسين (عليه السلام) ترى وضوحه في حجته القاضية إلى هداية الانسان ومنطقه الرامي إلى الحل السلمي، وفي الوقت نفسه لا يستسلم لحجة مخالفه الواهية ومنطقه الباطل، بل يعارضه بصرامة وإباء. ثم يحاوره حتى يصل إلى نقطة الوفاق ضمن ما يمكن الوصول إليه بعزة وكرامة.
حقا ان إدارة هذا الموقف في النصيحة والغضب المقدس ثم الوفاق دون مذلة، قوامها الأخلاق المبتنية على العقل والعزة والحكمة.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - قدم نصائحك لعدوك ولا تيأس في كسبه أو كسب أمثاله فيما بعد.
2 - أحيانا يكون الغضب نافعا ومقدسا إذا كان بهدف رسالي.
3 - التماشي والمفاوضة مع العدو للوصول إلى حل وسط أمر جيد.
E / في التواضع والقناعة إجتازت قافلة الإمام (عليه السلام) على - منطقة - قصر بني مقاتل، فنزل الإمام فيه وكان بالقرب منه بيت مضروب، وأمامه رمح قد غرس في الأرض وهو مما يدل على بسالة صاحبه وشجاعته، وقباله فرس.
فسأل الإمام عن صاحب البيت، فقيل له انه عبيد الله بن الحر - وكان ممن أثقله حب الدنيا - فأوفد للقياه الحجاج بن مسروق الجعفي فخف إليه، فبادره عبيد الله قائلا: ما ورائك؟
قال الحجاج: قد أهوى الله إليك كرامة.
قال: ما هي؟
فأجابه: هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته، فان قاتلت بين يديه أجرت، وإن مت فقد استشهدت.