فقال عبيد الله: ما خرجت من الكوفة إلا مخافة أن يدخلها الحسين وأنا فيها فلا أنصره، لأنه ليس له فيها شيعة ولا أنصار إلا وقد مالوا إلى الدنيا إلا من عصم الله!!
وقفل الحجاج راجعا فأدى مقالته إلى الإمام، ورأى (عليه السلام) أن يقيم عليه الحجة ويجعله على بينة من أمره فانطلق إليه مع الصفوة الطيبة من أهل بيته وأصحابه، واستقبله عبيد الله استقبالا كريما، واحتفى به احتفاءا بالغا، وقد غمرته هيبة الإمام، فراح يحدث عنها بعد ذلك يقول: ما رأيت قط أحسن من الحسين، ولا أملأ للعين، ولا رققت على أحد قط رقي عليه حين رأيته يمشي والصبيان من حوله، ونظرت إلى لحيته فرأيتها كأنها جناح غراب، فقلت له: أ سواد أم خضاب؟ قال! يا ابن الحر عجل علي الشيب فعرفت أنه خضاب.
نعم وتعاطى الإمام معه الشؤون السياسية العامة، والأوضاع الراهنة، ثم دعاه إلى نصرته قائلا له: " يا ابن الحر إن أهل مصركم كتبوا إلي أنهم مجتمعون على نصرتي وسألوني القدوم عليهم فقدمت، وليس رأي القوم على ما زعموا فإنهم أعانوا على قتل ابن عمي مسلم وشيعته، وأجمعوا على ابن مرجانة عبيد الله بن زياد.. يا ابن الحر اعلم أن الله عز وجل مؤاخذك بما كسبت من الذنوب في الأيام الخالية، وأنا أدعوك إلى توبة تغسل بها ما عليك من ذنوب.. أدعوك إلى نصرتنا أهل البيت ".
وألقى ابن الحر معاذيره الواهية فحرم نفسه السعادة والفوز بنصرة سبط الرسول، قائلا:
والله إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة، ولكن ما عسى أن أغني عنك، ولم أخلف لك بالكوفة ناصرا، فأنشدك الله أن تحملني على هذه الخطة، فان نفسي لا تسمح بالموت، ولكن فرسي هذه " الملحقة " والله ما طلبت عليها شيئا إلا لحقته، ولا طلبني أحد وأنا عليها إلا سبقته فهي لك.
ولكن ما قيمة فرسه عند الإمام، فرد عليه قائلا:
" ما جئناك لفرسك وسيفك؟ إنما أتيناك لنسألك النصرة، فان كنت قد بخلت علينا بنفسك فلا حاجة لنا في شئ من مالك، ولم أكن بالذي اتخذ المضلين عضدا، واني أنصحك إن استطعت أن لا تسمع صراخنا ولا تشهد وقعتنا فافعل، فوالله لا يسمع واعيتنا أحد ولا ينصرنا إلا أكبه الله في نار جهنم ".
فأطرق ابن الحر برأسه إلى الأرض وقال بصوت خافت حياء من الإمام: أما هذا فلا