الأواني وحدها تسع لسقاية الف فارس مع خيولهم، فضلا عن سائر الأثاث والأمتعة الأخرى.
وعلى أي حال فقد تكرم الإمام الحسين (عليه السلام) بإنقاذ هذا الجيش الذي جاء لحربه، وهذه قمة الأخلاق وهي لن تكون إلا في سبط نبي الرحمة، وهنا موقف من روائع مواقف الحسين (عليه السلام).
يقول المؤرخون انه كان من بين هذا الجيش علي بن الطعان المحاربي، وقد تحدث عن سجاحة (1) طبع الإمام وعظيم أخلاقه، يقول: كنت ممن أضر بي العطش، فأمرني الحسين بأن " أنخ الراوية " فلم أفقه كلامه، لأن الراوية بلغة الحجاز هي الجمل، ولما عرف أني لم أفهم كلامه قال: " أنخ الجمل " فأنخته، ولما أردت أن أشرب جعل الماء يسيل من السقاء، فقال لي " أخنث السقاء " (2)، فلم أدر ما أصنع فقام أبي الضيم فخنث السقاء حتى ارتويت أنا وفرسي.
ولم تهز هذه الأريحية ولا هذا النبل نفس هذا الجيش، وما تأثر أحد منهم بهذا الخلق الرفيع إلا الحر (قائد ذلك الجيش)، فقد تأثر ضميره اليقظ الحساس بهذا المعروف والإحسان، فاندفع بوحي من ضميره حتى التحق بالإمام في يوم عاشوراء واستشهد بين يديه (3).
* الدروس المستفادة هنا:
1 - محاولة تجنب العنف وسفك الدماء قدر المستطاع.
2 - أن تعطف على عدوك المشرف على الهلاك فتقدم له وبيدك ما ينقذه فذلك قمة المثالية العملية في الأخلاق.
3 - سجل في المواقف الصعبة أرقامك المناقبية واتركها لمن يقرأ التأريخ بعين البصيرة والعبرة.