من أخلاق الإمام الحسين (ع) - عبد العظيم المهتدي البحراني - الصفحة ١٧٩
وإن كانت الافعال يوما لأهلها * كمالا فحسن الخلق أبهى وأكمل (1) أنظر إلى معاني هذه الأبيات الشعرية التي تبين الروح الأخلاقية عند الحسين (عليه السلام) و استقامته المتفانية في حب الله، فالروح عنده هي: ترجيح ثواب الله على ملذات الدنيا أولا.
وترجيح الشهادة في سبيله على الموت الذليل ثانيا. هنا قد عالج الحسين (عليه السلام) للبشرية مصدر تصدعاتها كلها لو كانت تلتزم بهذا الطبيب.
* الدروس المستفادة هنا:
1 - من معطيات روح الاعتقاد بالآخرة عدم الحرص على الدنيا، وأن تعلم بأن أكثر المشاكل في حياة البشر تعود جذوره إلى صفة الحرص في جمع المال والبخل في إنفاقه.
2 - النظرة الصحيحة إلى الحياة والموت والرزق والمال تجعل الإنسان سعيدا في كل الأحوال.
E / في الصبر وبيان الظلامة متى تصبر على الظلم ومتى تصبر على صعوبات الجهاد لدفع الظلم؟
الحسين (عليه السلام) يوضح الجواب على هذا السؤال الهام:
كتب المؤرخون.. إنه لما انتهى إلى منطقة ذات عرق إذ خف إليه أبو هرة - وكان من أهل الدنيا - فقال له: يا ابن رسول الله ما الذي أخرجك عن حرم الله، وحرم جدك رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟
وتأثر الإمام - من جهل الرجل عن الحقائق المؤلمة المحيطة بالأمة - فقال له:
" ويحك يا أبا هرة إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية، وليلبسهم الله ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وليسلطن عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ، إذ ملكتهم امرأة منهم، فحكمت في أموالهم ودمائهم حتى أذلتهم ".
وانصرف الإمام، وهو ملتاع حزين من هؤلاء الناس الذين لا يملكون وعيا لنصرة الحق، قد آثروا العافية وكرهوا الجهاد في سبيل الله (2).

١ - كشف الغمة ٢: ٢٨، الأنوار البهية: ٨٩.
2 - حياة الإمام الحسين (عليه السلام) / ج 3 ص 64 نقلا عن الدر المسلوك / ج 1 ص 110.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»