مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢٣٩
فأحرى بنا ان لا نتبع سواه أثناء الدعوة إلى الدين الحنيف ومحاولتنا اجتذاب الآخرين إلى رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيما نتناقش حوله من المسائل الخلافية بين المسلمين لأنه المنهج الوحيد البعيد عن الغلط في القول، والمنزه عن أساليب الشتم والفحش والافتراء، والمتحلي باللين واللطف، والمستند على العلم والمعرفة، والداعي إلى حمل أقوال المسلمين وافعالهم على المحامل الصحيحة مهما أمكن، والاجتناب عن المزاعم والظنون الباطلة، ومتابعة الهوى، والعصبية الممقوتة.
قال الله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم أن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا).
وقال سبحانه (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك).
وإذا كان القرآن الكريم يخبر عن قوم شعيب، وهم كفار أثناء ردهم عليه بقوله (وانا لنظنك من الكاذبين). مما يشير إلى انهم تحلوا بشئ من الأدب حيث لم يقطعوا بكذبه حسب ما توحي به عبارتهم.
فكيف يجوز للمؤمن الذي يأخذ بأدب الله ان يحكم على أخ له في الله، أو على طائفة كبيرة من إخوانه المسلمين بالكفر أو الفسق يتهمهم بما لا يقولون به، وما عذره عند الله تعالى ان كفر مسلما بما لا يوجب الكفر، أو استعمل في رده عليه أسلوب الشتم والفحش إلى جانب الافتراء والبهتان اللذين يؤديان إلى إثارة الضغائن، ويحولان دون ظهور الحق وانكشاف الواقع.
فالباحث النزيه اذن لا يجوز لنفسه ان لم يكن في قلبه مرض ان ينحرف عن النهج الإلهي في حواره ومناقشاته مع الآخرين، ويتبع عوضا عن ذلك أسلوب الشتم، والدس، والضغينة، والتهريج بالباطل حتى يودى به الامر إلى أن يحكم على طائفة لعلها الكبرى بين طوائف المسلمين، ولعلمائها وأدبائها على امتداد التاريخ عشرات الألوف من المؤلفات في مختلف الموضوعات، والعلوم الاسلامية عقيدة ونظاما، ان يحكم على مثل هذه الطائفة من خلال اخبار آحاد شاذة اهملها العلماء والمحققون، وأساطين علم الحديث، لعدم الاعتماد عليها والاخذ بها، بل وايمانهم بكذبها، فيتهم
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 ... » »»