مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٢١٢
وغيره له وصياحه على من يريد متابعته يدل على قدرته وسلطانه أم على عجزه عن الاختفاء عمن عرفه؟ فإذا كان لله تعالى ملائكة عاملون له موكلون على الأمور فهل يعد ذلك من عجزه وانه لا يقدر ان يفعل الأمور بنفسه، أو يدل على نفوذ امره وبسط يده وكمال قدرته؟ فيا أخي! إذا أنت تسير بهذه الصورة والسليقة في نقد الاخبار لا يسلم حديث ولا تاريخ اللهم الا القليل منه عن مثل هذه الايرادات الواهية فتعوذ بالله من ذلك كما نعوذ به منه ونعتذر منك ان خرجنا عن مسلك الأدب فعفوا غفر الله لنا ولك.
ثم قال (ومما يوضح وضع أمثالها ان رويته عليه السلام لم تكن مبتذلة فمثل عبد الله بن جعفر الحميري في ذاك الجلال يقول لمحمد بن عثمان سفيره الثاني في الغيبة الصغرى: هل رأيت صاحب هذا الامر؟ قال: نعم، وآخر عهدي به عند بيت الله الحرام وهو يقول:
اللهم انجز لي ما وعدتني.. الخبر، فكيف في الغيبة الكبرى وقد كان كتب إلى السمري آخر سفرائه (ولا توص إلى أحد فيقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور الا بعد اذن الله تعالى ذكره، بعد طول الأمد وقسوة القلوب وامتلأ الأرض جورا وسيأتي من شيعتي من يدعى المشاهدة، الا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذاب مفتر.. الخبر) أقول: ما نرى في هذه الحكايات ابتذالا لرويته عليه السلام وهو عليه السلام يعرف من يليق برويته عليه السلام لصلاحية في نفسه أو لحكمة ومناسبة تقتضي ذلك، وأولياؤه والخواص من شيعته مخفيون في عباد الله تعالى يعرفهم الإمام عليه السلام. والحكايتان المذكورتان (حكاية الأسدي وحكاية ابن أحمد بن خلف) حكايتان عن الغيبة القصرى المعروفة بالصغرى دون الغيبة الطولى المعروفة بالكبرى، فذكر توقيعه إلى سفيره الأخير هنا خارج عن محل البحث، مضافا إلى أنه لو استظهر من هذا التوقيع حرمان الناس كلهم عن التشرف بلقائه، ينافي الحكايات المتواترة التي لاشك في صحتها سيما تشرف عدة من أكابر العلماء، وهذه قرينة على أن المراد من كون من يدعى المشاهدة كذابا مفتريا، من
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»