وبعد ذلك كله نقول بأن الرواية رويت باسناد أخرى ليس فيه عبد الغفار بن القاسم.
فرواه البيهقي في الدلائل عن ابن إسحاق، عن شيخ أبهم اسمه، عن عبد الله بن الحارث، إلى قوله (أني قد جئتكم بأمر الدنيا والآخرة) (1)، ولا أدري لماذا أبهم ابن إسحاق شيخه الراوي عن عبد الله بن الحارث، كما لا أدري ان عدم الانتهاء إلى آخر الحديث هل كان من البيهقي، أو ابن إسحاق، أو غيرهما؟ وكان خوفا عن النواصب، أو اخفاء للحق عنادا ونصبا؟ ولا يبعد أن يكون الشيخ الذي أبهم اسمه ابن إسحاق، هو عبد الغفار بن القاسم (2).
وعلى هذا الاحتمال، يكون السند في ذلك موافقا لسند الطبري، لا يثبت به وجود سند آخر للحديث غيره، إلا أنه جاء باسناد أخرى ليس فيه هذا الرجل، كما تفطن به ابن كثير، فقال بعد ما قال في عبد الغفار:
(ولكن روى ابن أبي حاتم في تفسيره، عن أبيه، عن الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي، عن عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، قال: قال علي: لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين)، قال لي رسول الله (صلى الله عليه وآله): اصنع لي رجل شاة بصاع من طعام، وإناء لبنا، وادع لي بني هاشم، فدعوتهم، وانهم يومئذ لأربعون غير رجل أو أربعون ورجل فذكر القصة نحو ما تقدم إلى أن قال: - وبدرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الكلام، فقال: أيكم يقضي عني ديني، ويكون خليفتي في أهلي؟ قال: فسكتوا، وسكت العباس خشية أن يحيط ذلك بماله، قال: وسكت أنا لسن العباس. ثم قالها مرة أخرى، فسكت العباس، فلما رأيت ذلك قلت: أنا يا رسول الله، قال: أنت - الحديث) (3).