تخريج المئات بل الألوف من تلك الأحاديث أو إعراضهم عن أخذ العلم والفقه عنهم، ليس إلا لذلك، ونعم ما قال خليل بن أحمد اللغوي الشهير لما سئل عن فضائل أمير المؤمنين علي (عليه السلام):
(ما أقول في مدح امرئ كتم أحباؤه فضائله خوفا، وأعداؤه حسدا، ثم ظهر بين الكتمين ما ملاء الخافقين.) وهو الذي قال في شأن الإمام (عليه السلام) (احتياج الكل إليه واستغناؤه عن الكل دليل على أنه امام الكل.) الثاني: انه قد ظهر لك ان حديث يوم الدار في التنصيص على خلافة علي (عليه السلام) مستفيض بل متواتر، وعدم التصريح في متون بعض طرقها بالخلافة لبعض الأسباب التي ذكرناها في الأمر الأول لا يضر بعدم وجودها في غيرها، وبعد ما علمنا أن أصل عدم الزيادة يقدم عند العقلاء على أصل عدم النقيصة، سيما في مورد يمكن تعدد صدور الكلام وتعدد وقوع الواقعة، وسيما إذا كانت الروايات المتضمنة للزيادة، أقرب بحسب الاعتبار بالقبول، وخصوصا إذا كانت للزيادة في الأخبار الكثيرة شواهد لا تحصى.
الثالث: انه لا ريب أن الوراثة المذكورة في بعض متون هذا الحديث ليست الوراثة المالية، فإنها مضافا إلى عدم موافقتها لما عليه إجماع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم من أن البنت ترث جميع تركة الأب بالفرض والرد، ولا يرث معها غيرها من العمومة والخؤولة وأبنائهم، وأن ابن العم الأبويني يرث العم دون العم الأبي من غير أن يكون هذا الحكم مختصا بأمير المؤمنين (عليه السلام)، لا توافق على مذهب العامة أيضا، الخبر المكذوب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) المخالف للقرآن المجيد، وهو: (نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة).
والظاهر بدلالة هذه القرينة أن الوراثة المذكورة في هذا الحديث، انما أريد بها وراثة العلم والولاية.