فيه هذا الرجل.
ونحن نذكر طائفة من هذه الطرق، ليظهر لك قوة أسنادها واشتهارها، وأن العلماء الحفاظ والمحدثين تلقوها بالقبول، فنقول:
الطريق الأول: ما أخرجه ابن كثير في تاريخه عن ابن أبي حاتم في تفسيره، وهذا هو الطريق الذي مر نقله عنه، وليس فيه عبد الغفار.
الطريق الثاني: ما أخرجه البيهقي في الدلائل، عن ابن إسحاق، عن شيخ أبهم اسمه، أخرجه ابن كثير أيضا عن البيهقي وقد مر نقله أيضا.
الطريق الثالث: ما أخرجه الحافظ الكبير عبيد الله بن عبد الله بن أحمد، المعروف بالحاكم الحسكاني بطريق ليس فيه عبد الغفار، قال:
(حدثني ابن فنجويه، حدثنا موسى بن محمد بن علي بن عبد الله، حدثنا الحسن بن علي بن شبيب المعمري، قال: حدثنا عباد بن يعقوب، عن علي بن هاشم، عن صباح بن يحيى المزني عن زكريا ابن ميسرة، عن أبي إسحاق، عن البراء، قال:
لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين)، جمع رسول الله بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلا، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر عليا برجل شاة فآدمها، ثم قال: أدنوا بسم الله، فدنا القوم عشرة عشرة، فأكلوا حتى صدروا، ثم دعا بعقب من لبن، فجرع منه جرعة، ثم قال لهم: اشربوا ببسم الله، فشرب القوم حتى رووا، فبدرهم أبو لهب، فقال: هذا أسحركم به الرجل! فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) يومئذ فلم يتكلم، ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب، ثم أنذرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال:
يا بني عبد المطلب! اني أنا النذير إليكم من الله عز وجل، والبشير لما يجئ به أحدكم، جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يواخيني ويوازرني، ويكون وليي ووصيي بعدي، وخليفتي في أهلي، ويقضي ديني؟ فسكت القوم، وأعاد ذلك ثلاثا، كل ذلك يسكت القوم ويقول علي: أنا، فقال: أنت، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب: اطع ابنك، فقد أمره عليك) (1).