مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٧٦
آية الإنذار وحديث الدار ومما أخذ هذا الناقد على هذا المؤلف وناقشه، أنه ذكر حديث الدار ويوم الانذار وتجاوز عن الحد في نقده، وحكم باختلاف الرواية بالأصل لوجود راو مشهور بالكذب وصنع الأحاديث بزعمه، وهو: أبو مريم الأنصاري عبد القادر بن القاسم، الذي أثنى عليه الحافظ ابن عقدة وأطراه، كما في لسان الميزان.
والرواية مشهورة مستفيضة أخرجها جمع من الحفاظ وأكابر المحدثين، واختصرها بعضهم، كما أبدل الطبري في تفسيره قوله (صلى الله عليه وآله) (فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟) بلفظ (فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي...) وقوله (صلى الله عليه وآله) (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) بلفظ (إن هذا أخي...).
والطبري، وهو الذي روى الرواية كاملة وتامة في تاريخه، يرويها بهذا الصورة المحرفة المشوهة المجملة حتى لا يفهم القارئ مغزاه، ولا يعرف خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنصوص عليه في هذه الروايات وفي غيرها من الأحاديث، أو لا يرمونه أهل العناد والنصب بالرفض والتشيع، ولا يفعلون به ما فعله أهل دمشق بالنسائي صاحب السنن والخصائص العلوية.
وقد تبع الطبري في تفسيره، ابن كثير في تاريخه (1)، وهذا إن لم يدل على شئ، فقد دل على أن السياسة هي القوة التي تعين منهج سير العلم والحديث والتفكر. فمثل هذه الكلمة القاطعة (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا) لا يجوز سياسيا نقله والتحدث به، لأنها إعلان إبطال الحكومات المستبدة التي قلبت نظام الإدارة والحكم، وأحيت سنن الأكاسرة والقياصرة.
فالنظام الذي يقطع عرقوب مثل بشير بن مروان، ويضرب عطية العوفي أربعمائة

(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»