والأنصار، وفتحت على المسلمين أبواب الفتن وويلات المحن، وأدت إلى حكومة جبابرة بني أمية، وإمارة أمثال الحجاج وبسر ومسلم بن عقبة وأضرابهم.
فمن تصفح التاريخ، استنكر ذلك ورأى ما صدر منها من عظيم المصائب التي حلت بالمسلمين، سواء حمل على الاجتهاد، أو على اتباع الهوى وبغضها للإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي قال له النبي (صلى الله عليه وآله) (لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق).
فالخسارة التي أصابت الإسلام والمسلمين بخروجها على ولي الأمر، ومخالفتها له، وبغضها إياه، لم تجبر إلى الآن... ولا عتب على من يقرأ كتب الحديث والتاريخ، ويحلل الأمور، ولا يتمالك من الحكم عليها، حتى أن أهل بيتها وخاصتها كانوا يعيبون عليها خروجها وما أدخل عليهم يوم الجمل من العار، وقد روي أنها ركبت بغلة، وخرجت تصلح بين غلمان لها ولابن عباس، فأدركها ابن أبي عتيق وقال: يعتق ما تملك إن لم ترجعي. فقالت: ما حملك على هذا؟ قال: ما انقضى عنا يوم الجمل حتى يأتينا يوم البغلة (1).
ولا يمكن منع الباحثين، خاصة الشباب، الذين يتطلعون إلى حرية التفكير والبحث والتنقيب، بعد ما سجل التاريخ ما لا نحب مما يمس كرامة أم المؤمنين عائشة، كما لا يمكن منع انتهاء البحث إلى الحكم عليها. فالاعتراف بخطأها أولى من الإصرار على تبرئتها، رغم المصادر الوثيقة التاريخية، والأحاديث النبوية، فمتابعة الدليل والبرهان، والقول بالحق، أولى من القول بلا دليل، والمكابرة في الأمور الجلية، فالجيل المعاصر يرد كل قول لا يدعمه دليل، ولا يقبل إلا ما أدى إليه أعمال الفكر الحر (2).
وتبرئة أم المؤمنين من أوزار حرب الجمل، ليست من العقائد الإسلامية، حتى يطلب ممن لا يراها الاعتقاد بها.
وليت شعري إن كان الفريقان في حرب الجمل وصفين مجتهدين فمن الباغي منهما؟
أم كيف يجوز الاجتهاد قبال الإمام علي (عليه السلام) الذي قال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) (علي مع