فإن قلت: السهم المبارك وميراث من لا وارث له ملك لشخص الإمام (عليه السلام)، يجري عليه في عصر الغيبة حكم مال الغائب، يجب حفظه له إن أمكن، وإلا يجب على الذي بيده أن يتصدق به عنه.
قلت أولا: إن التصدق بالمال المجهول مالكه أو ما لا يمكن إيصاله إلى مالكه إذا كان في معرض التلف والضياع، إنما يجوز إن لم يعلم من بيده رضاه بصرفه في مورد خاص دون غيره، أما مع العلم بذلك فلابد من صرفه في ذلك المورد.
وثانيا: الظاهر أن السهم المبارك إنما جعل للإمام لكي يقوي به شؤون ولايته، ويصرفه في إنفاذ وظائفه الولائية، ولازم جعل الولاية للفقهاء جعل الولاية لهم عليه لأنها لا تقام إلا به.
وإن شئت قلت: إن السهم المبارك اختصت الولاية عليه بمن يلي الأمور بإذن الشارع، وهو شخص الإمام (عليه السلام) في زمان الحضور، ومن يليها بإذنه في عصر الغيبة، وهم الفقهاء العدول المنصوبون بالولاية بنصبه.
ثم إنه مما ذكرنا يظهر حكم سهم السادة العظام زاد الله في شرفهم، فإن مصرفه وإن كان السادة المحتاجين إليه، إلا أن المستفاد من بعض الأخبار وما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع أن الولاية عليه أيضا للإمام ومن يلي الأمور من قبله، فالإمام يأخذه ويقسمه بين الأصناف، وقد ورد في هذه الأخبار أن ما يزيد منها على مصارفهم يكون للإمام (عليه السلام)، وأن ما ينقص يتمه الإمام من غيره. فقد روى ثقة الإسلام الكليني (قدس سره) (1) عن الإمام الكاظم (عليه السلام) أنه قال:
(الخمس من خمسة أشياء... إلى أن قال: ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته، فسهم ليتاماهم، وسهم لمساكينهم، وسهم لأبناء سبيلهم، يقسم بينهم على الكتاب والسنة ما يستغنون به في سنتهم، فإن فضل عنهم شئ فهو للوالي، وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به...).