مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٣١
قلت، أولا: إن بقاء التحدي به إلى يوم القيامة وعجز الإنس والجن عن الإتيان بمثله ينفي هذا الاحتمال.
وثانيا: هذا الاحتمال كما ذكرتم لا يعتنى به عند العرف فهو كالعدم، والعلم بالشئ لغة وعرفا أعم من ذلك ومن عدم احتمال الخلاف.
وثالثا: هذا الاحتمال منفي بدلالة آيات من القرآن الكريم الذي أثبتنا ضرورة عدم وقوع الزيادة فيه، مثل قوله (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقوله عز من قائل (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).
ورابعا: بالأحاديث المأثورة الثابتة عن النبي (صلى الله عليه وآله).
وخامسا: بالأحاديث المتواترة المروية عن الأئمة المعصومين من عترته (عليهم السلام) مثل الأحاديث المروية في ثواب قراءة السور، والأخبار الآمرة بعرض الأخبار على الكتاب، وكذا الأحاديث المتواترة الآمرة بالرجوع إلى الكتاب والتمسك به، والأخبار الدالة على استشهاد الأئمة (عليهم السلام) بالآيات الكريمة، وأحاديث الثقلين المتواترة، وغيرها.
وأما الأخبار الضعيفة التي يستشعر منها النقيصة فضعاف جدا، معلولة بعلل كثيرة في اسنادها وألفاظها ومداليلها يطول الكلام بنا بالإشارة إليها، وكلها لا تقاوم الطائفة الأولى من الأخبار الدالة على أن القرآن المنزل من الله تعالى هو هذا الكتاب.
هذا مضافا إلى أن هذه الأخبار مردودة مطروحة بمخالفتها للكتاب والإجماع العملي من جميع المسلمين شيعة وسنة القائم على صيانة القرآن من التحريف، ولذا لم يقع ذلك محل خلاف بين الأمة شيعة وسنة، الا ما عن بعض الحشوية من أهل السنة وظاهر بعض الأخباريين من الشيعة الذين لا يعتد بخلافهم، فصار خلافهم متروكا مهجورا، وصار القول بعدم التحريف قولا ظاهرا واضحا عرفه الخاص والعام من الفريقين وحتى العوام، حتى صار أن التفوه باحتمال خلاف ذلك يعد من التفوه بخلاف الضرورة.
فلا يصح عد ذلك من الخلافات الواقعة بين الفريقين التي يقال فيها رأي الشيعة كذا، ورأي السنة كذا.
فالقرآن الموجود بين الدفتين هو كتاب دين الفريقين، وهو أصلهم الأول الذي تأتي
(٣٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 325 326 327 329 330 331 332 333 334 335 337 ... » »»