بعده السنة المشروط صحة الاعتماد عليها بأن لا تكون مخالفة للقرآن، وهذا الأمر يحتج به الجميع في الأصول والفروع، وفي خلافاتهم ويعتمدون عليه وعلى السنة.
فكل الأمة شيعة وسنة يتمسكون بجميع محكماته وفي متشابهاته أيضا يقولون: آمنا به كل من عند ربنا.
ومن عجيب ما وقع في هذه المسألة التي سمعت الاتفاق والإجماع عليها من السنة والشيعة وعدم الخلاف بينهم فيها: أن العصبيات الطائفية، والأغراض السياسية العاملة لتوهين الإسلام، وكتابه العزيز، ولتمزيق المسلمين، وتفريق كلمة الأمة، والقضاء على وحدتهم الإسلامية، بعثت بعض الكتاب إلى نسبة القول بالتحريف إلى الشيعة، لوجود أخبار ضعيفة لم يعمل بها أحد منهم، ولم يعتبروها حجة حسب أصولهم المحكمة للأخذ بالحديث والاعتماد عليه والاحتجاج به.
والذي يزيد في التعجب ان هذا الخلاف المحدث من جانب هؤلاء ليس في دعوى وقوع التحريف من جانب وإنكاره من جانب آخر.
بل في العمل على الصاق تهمة التحريف بالشيعة بسبب هذه الروايات المشتركة في مصادر الجميع، ثم العمل على تصوير الشيعة بصورة مشوهة، مع أنهم طائفة تعتقد عقيدة مؤمنة بالكتاب وصيانته عن التحريف، وتدافع عن كرامته بالأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة وينكرون التحريف أشد الإنكار بأعمالهم وعباداتهم وكل سيرتهم العملية، وبأقوالهم وتصريحات علمائهم ورجالاتهم، والجميع يعلم أن تمسكهم بالكتاب واعتقادهم بصيانته أضوء وأنور من الشمس في رائعة النهار.
وأعجب من ذلك أن مثل هذه الروايات من طرق إخواننا السنة، الصحيحة عندهم، كثيرة جدا، ولو جاز نسبة القول بالتحريف إلى إحدى الطائفتين دون الأخرى، بسبب نقل مصادرها لمثل هذه الأحاديث، لكان نسبته إلى غير الشيعة أولى، لأن في الأخبار المخرجة في كتب غيرهم ما يعتبر عندهم من الصحاح دون ما ورد من طرق الشيعة فإنها ضعاف.
مضافا إلى أن أكثرها ورد في تفسير الآيات وبيان مصاديقها وشأن نزولها، ولا ارتباط لها بالتحريف.