مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ١٢٩
الاستقسام بمطلق الميسر، يرده السياق والظاهر، كما رددنا به القول الأول. نعم تفسير الأزلام بقداح الميسر وبما يتقامرون به لا ينافي هذا السياق.
القول الثالث: وهو القول الحق لأنه مروي عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذين جعلهم النبي (صلى الله عليه وآله) عدلا للقرآن، وقال (إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض).
وهذا القول كما في (مجمع البيان) وغيره، روي عن الإمام أبي جعفر محمد الباقر بن علي بن الحسين، وابنه جعفر بن محمد الصادق (عليهم السلام)، وهو (إن الأزلام عشرة، سبعة لها انصباء، وثلاثة لا أنصباء لها، وكانوا يعمدون إلى الجزور فيجزؤونه أجزاءا، ثم يجتمعون عليه، فيخرجون السهام ويدفعونها إلى رجل، وثمن الجزور على من تخرج له التي لا أنصباء لها، وهو القمار، فحرمه الله تعالى).
وذكر هذا القول، أبو السعود في تفسيره إلا أنه ترك التنويه بذكر قائله (عليه السلام)، فقال:
وقيل هو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعهودة. وذكره البيضاوي والسيوطي وغيرهما.
وقال الآلوسي في (روح المعاني): وقيل المراد بالاستقسام بالأزلام، استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعلومة، أي طلب قسم من الجزور أو ما قسم الله تعالى منه، وهذا هو الميسر وقد تقدم ذلك. وروى علي بن إبراهيم عن الأئمة الصادقين رضي الله تعالى عنهم، ورجح بأنه يناسب ذكره مع محرمات الطعام إنتهى كلام الآلوسي.
وهذا القول، هو القول الموافق لسياق الآية وما قبلها من الآيات.
ومن هذا القول يعرف المنصف أن الأمة لو تمسكوا بالكتاب والعترة، وأخذوا العلم من أهله، واتبعوا هدى أهل البيت (عليهم السلام)، أمنوا من الضلال والاختلاف ومن القول بغير علم وتفسير القرآن بالرأي، ويعرف أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأمر الأمة بالرجوع إلى أهل بيته إلا لفضائل اختصهم الله بها، ولأن الله تعالى أمره بذلك.
وقد فسر الزمان سر ذلك، فصدر منهم في المعارف الإسلامية والعلوم الحقيقية من التوحيد والتفسير والفقه والحديث والأخلاق والآداب وشرح معالم الإنسانية، ما لم يصدر عن أحد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قد اعترف بذلك الموافق والمخالف.
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 125 126 127 128 129 130 131 132 133 135 ... » »»