فعن الجبائي أنه قال: (والسابقون السابقون) أي السابقون إلى اتباع الأنبياء (أي زمنا) الذين صاروا أئمة الهدى، فهم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله. وعن مقاتل وعكرمة: السابقون إلى الإيمان. وعن ابن عباس: السابقون إلى الهجرة. وعن علي: السابقون إلى الصلوات. وعن الضحاك: السابقون إلى الجهاد. وعن سعيد بن جبير: السابقون إلى التوبة وأعمال البر. وعن ابن كيسان: السابقون إلى كل ما دعا الله إليه.
ثم قال الطبرسي: وهذا أولى لأنه يعم الجميع. (1) وإيضاحا للحقيقة نقول: إن الحق والواقع الذي ينطبق مع مفهوم تلك الآيات هو أن المراد من السبق هو السبق إلى كل ما دعا الله إليه مطلقا من الإيمان الثابت بكل أنواعه والعمل الخالص لوجه الله. بجميع أشكاله. بحيث فاق المتصفون بذلك السبق - في إيمانهم بأنواعه - إيمان غيرهم كثرة وعمقا وثباتا، كما فاقوا - بأعمالهم الصالحة - غيرهم كثرة وإخلاصا وتفضيلا سواء كانوا قد سبقوا غيرهم زمنا أم لم يسبقوا، فهذا هو الحق والواقع المنطبق مع مفهوم تلك الآيات.
أما من هم المصداق لأولئك السابقون غيرهم بإيمانهم وعملهم، فالله سبحانه عبر عنهم بأنهم: " ثلة من الأولين (13) وقليل من الآخرين " أي هم عدد محدود وفريق منتقى كثرتهم عددا في الأولين، وقلتهم عددا في الآخرين.