فاطمة والمفضلات من النساء - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٥٣
وأختلف المفسرون أيضا في أقوالهم ورواياتهم، في من هم الأولون؟ ومن هم الآخرون؟ فمنهم من يقول الأولون هم من الأمم الماضية والآخرون هم من هذه الأمة الإسلامية. ومنهم من يقول: الأولون هم الصدر الأول من هذه الأمة والآخرون هم متأخروا هذه الأمة. وذكر هذين القولين الطبرسي في تفسيره (1).
ومنهم من يقول: المراد من الأولين والآخرين المهاجرون والأنصار وأن كثرتهم هم الذين أسلموا قبل الفتح أي (فتح مكة) وقلتهم هم الذين أسلموا من بعد الفتح، ذكر هذا المعنى الفخر الرازي في تفسيره (2).
والصحيح هو القول الأول، وهو الذي ينطبق مع مفهوم الآيات، ودليلنا على ذلك هو أن الحديث في هذه السورة عن يوم القيامة وهو يوم الجمع الذي يجمع الله فيه الناس أجمعين من جميع الأمم، قال تعالى: " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن " [التغابن / 9]. وقال تعالى في نفس سورة الواقعة: " قل إن الأولين والآخرين (49) لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم " [49 - 50]. فالتقسيم إذا يشمل جميع الأمم لا هذه الأمة وحدها، وبذلك نعلم بطلان القولين الآخرين.
والخلاصة: إن المراد من الأولين من الأمم الماضية هم مجموع رسل الله وأنبيائه وأوصيائهم، وقد يلحق بهم أيضا ويكون منهم بعض السابقين من أممهم إلى الإيمان والعمل الصالح، وهم الأكثر عددا لأن

(1) راجع المصدر السابق.
(2) (مفاتيح الغيب) ج 8 ص 45.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»