فاطمة والمفضلات من النساء - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٤١
هذا، إن الله خلقه بقدرته وأمره وأنه " ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون " (1) [مريم / 18 - 35].
العلة في اختلاف كيفية خلق آدم وعيسى وسائر الخلق وبذلك يعلم الناس أن الله على كل شئ قدير وأنه لا يعجزه شئ فتارة يخلق الإنسان من أبوين ذكر وأنثى وبهذا جرت العادة المطردة في خلق بني الإنسان قال تعالى: " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير " [الحجرات / 13]. وحيث أن لله خوارق العادات فقد خلق آدم لا من ذكر ولا أنثى بل خلقه من طين مكون من تراب وماء ونفخ فيه من روحه فسواه بشرا، قال تعالى: " إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين (71) فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين (72) فسجد

(١) أختلف اليهود والنصارى في عيسى بين الإفراط والتفريط، كما اختلفت هذه الأمة في علي أمير المؤمنين (ع) وبهذا أخبر النبي (ص) عليا (ع) كما أخبر أمته حيث قال: يا علي فيك مثل من عيسى، أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه المنزل الذي ليس له، وقال علي (ع): يهلك في رجلان محب مفرط يفرطني بما ليس في، ومبغض يحمله شنآني (أي بغضي) على أن يبهتني. وهذا الحديث من الأحاديث الشهيرة عن علي (ع) عن النبي (ص) فقد رواه أحمد بن حنبل في مسنده، كما نقله عنه محب الدين الطبري الشافعي في (ذخائر العقبى) = ص 92 ورواه ابن حجر في (الصواعق المحرقة) ص 74 وهو الحديث رقم 20 وقد أخرجه عن البزار، وأبي يعلى والحاكم. كما رواه السيوطي في (تاريخ الخلفاء) ص 117 ط لاهور عن المصادر الثلاثة السابقة التي نقل عنها ابن حجر، راجع احقاق الحق ج 3 ص 399 و ج 7 ص 284 - 296 إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة.
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 49 ... » »»