عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ٣٣٨
ويقدرونه. ويزداد الاعجاب أو الانتقاد إذا رأوا احترام الشيعة لمرجع التقليد نائب الإمام المهدي أرواحنا فداه، وتقديسهم له وتقيدهم بفتواه.
أما إذا وصل الامر إلى الأئمة المعصومين عليهم السلام فيتهمنا البعض بالمبالغة والمغالاة، ويفرط بعضهم في التهمة فيقول إن الشيعة يؤلهون النبي والأئمة والمراجع ويعبدونهم، والعياذ بالله.
ولكن المشكلة ليست في شدة احترام الشيعة وإطاعتهم وتقديسهم لعلمائهم وأئمتهم. بل هي، في الواقع، ابتعادنا نحن المسلمين جميعا عن النظرة الاسلامية إلى الانسان والتعامل بها معه. فنحن نلاحظ في القرآن الكريم ثلاثة مذاهب في مسألة قيمة الانسان: المذاهب البدوي، الذي تذكره آيات الاعراب والمنادين من وراء الحجرات. والمذهب المادي، الذي تذكره آيات أعداء الأنبياء وأصحاب الحضارات الكافرة.
والمذهب الاسلامي، تذكره آيات تكريم الانسان والتوجيه إلى عالمه العقلي والروحي والعملي.
وأحسبنا في عالمنا الاسلامي نعيش تأثيرات كثيرة للبداوة وللمادية الغربية في نظرتنا إلى الأنبياء والأئمة والأولياء والشهداء والمؤمنين. والى جمهورنا وشعوبنا الاسلامية. بل إلى أنفسنا أيضا.
لقد أوجد الانحطاط الحضاري والتسلط الغربي في مجتمعاتنا ظروفا قاسية سياسية واقتصادية واجتماعية، لم تعد معها حياة الانسان المسلم في أصلها محترمة، فكيف نطمح إلى احترام أبعاد وجوده الأخرى وتقديسها؟!
كما حول أذهاننا إلى أذهان بدوية تنزع دائما إلى " البساطة " بمفهومها المنطقي وتعادي الجمع والتركيب. فترانا نريد الشئ ببعد واحد، ونرفض أن تكون له أبعاد متعددة في آن. ونريد في قلوبنا لونا واحدا من العاطفة، ولا نسمح لها أن تحمل ألوانا متعددة في آن. ونرى في الأولياء والأئمة
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»