عصر الظهور - الشيخ علي الكوراني العاملي - الصفحة ٢٢٩
بل تذكر بعض الروايات أن الخلفاء العباسيين المتأخرين قد اعترفوا بأن قضية ادعاء آبائهم للمهدية كانت من أصلها مجعولة ومكذوبة.
ويبدو أن ادعاء المهدية كان أشبه بالموجه في أواخر القرن الأول الهجري، حيث رزح المسلمون تحت وطأة التسلط الأموي، ولمسوا ظلامة أهل البيت عليهم السلام، فانتشر بينهم تداول أحاديث النبي صلى الله عليه وآله عن ظلامة أهل بيته والبشارة بمهديهم. فكان ذلك أرضية لا دعاء المهدية لعديدين من بني هاشم، ومن غيرهم أيضا مثل موسى بن طلحة بن عبيد الله. ويبدو أن عبد الله بن الحسن المثنى كان أبرع من ادعاها لولده محمد، فقد خطط لذلك منذ طفولة ابنه هذا أو منذ ولادته فسماه محمدا لان المهدي عليه السلام على اسم النبي صلى الله عليه وآله ثم رباه تربية خاصة، وحجبه عن الناس وأشاع حوله الأساطير وأنه هو المهدي. قال في مقاتل الطالبيين ص 239 " لم يزل عبد الله بن الحسن منذ كان صبيا يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ويسمى بالمهدي " وقال في ص 244 " لهجت العوام بمحمد تسميه بالمهدي " بل كان العباسيون أيضا يروجون لهذا الا دعاء قبل أن ينقلبوا على حلفائهم الحسنيين، فقد روى في ص 239 عن عمير بن الفضل الخثعمي قال " رأيت أبا جعفر المنصور يوما وقد خرج محمد بن عبد الله بن الحسن من دار ابنه وله فرس واقف على الباب مع عبد له أسود وأبو جعفر ينتظره، فلما خرج وثب أبو جعفر فأخذ بردائه حتى ركب ثم سوى ثيابه على السرج ومضى محمد، فقلت وكنت حينئذ أعرفه ولا أعرف محمدا: من هذا الذي أعظمته هذا الاعظام حتى أخذت بركابه وسويت عليه ثيابه؟ قال: أو ما تعرفه؟ قلت: لا. قال: هذا محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن مهدينا أهل البيت! ".
وأكثر الظن أن العباسيين تعلموا ادعاء المهدية من هؤلاء الحسنيين حلفائهم وشركائهم في الثورة على الأمويين. وليس هذا موضع التفصيل.
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»