صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٠٤
كان من آثارها - في حكومته - ما كان (مما لا نريد التوسع في ذكره)، وانما جل ما نريد هو التنبيه على الغلطة الكبرى التي أتاها معاوية، فتقمص بها مسؤولية الحرمات الاسلامية التي انتهكها بهذه الغلطة غير متحرج ولا متأثم.
وكان من الأساليب العجيبة التي توفر على روايتها أصدقاء الرجل فضلا عن أعدائه، فيما لجأ اليه يوم نصب ابنه وليا لعهد المسلمين، ما يكفينا للتأكد من وزنه كمسلم فضلا عن وزنه كخليفة!!.. وانها لصفحة من أنكد صفحات التاريخ، وأبعدها عن " الاسلام " روحا ومعنى وأهدافا، ولولا أنها - بنتائجها التي تنكشف عنها في معاوية وفي المجتمع الذي كان يدور في فلك معاوية - أحد شرايين بحثنا الواسع فيما يهدف اليه هذا البحث من بيان أسرار الحسن فيما أتاه من الصلح، لأعرضنا عن ذكرها، ولكنا أحرص على سترها، رغم إفتضاحها المكشوف مدى ثلاثة عشر قرنا.
أما الآن فسنعرض خلاصة من نصوص المؤرخين، دون ان نتعمد الشرح والتعليق في الأثناء، لان هذه النصوص بذاتها غنية عن الشرح والتعليق.
هكذا بايع معاوية ليزيد قال أبو الفرج الأصفهاني: " وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد، فلم يكن شئ أثقل عليه من أمر الحسن وسعد بن أبي وقاص، فدس اليهما سما، فماتا منه (1) ".
وقال ابن قتيبة الدينوري: " ثم لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن الا يسيرا حتى بايع ليزيد بالشام وكتب ببيعته إلى الآفاق (2) ".
وقال ابن الأثير: " وكان ابتداء ذلك وأوله من المغيرة بن شعبة، فان

(1) المقاتل (ص 29).
(2) الإمامة والسياسة (ج 1: ص 160).
(٣٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 298 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 ... » »»