صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٠٢
فان كل ما هنالك تحت قدمي هاتين، ووالله ما عنى بذلك الا نقض ما بينك وبينه، فأعد الحرب خدعة وأذن لي أشخص إلى الكوفة، فأخرج عاملها منها وأظهر فيها خلعه، وأنبذ اليه على سواء، ان الله لا يهدي كيد الخائنين.
" ثم سكت ابن صرد، فتكلم كل من حضر مجلسه بمثل مقالته، وكلهم يقول: ابعث سليمان بن صرد وابعثنا معه، ثم ألحقنا، إذا علمت انا قد أشخصنا عامله، وأظهرنا خلعه (1) ".
وجاءه - أيضا - حجر بن عدي الكندي، ومركزه القوي في العراق مركزه، كما ستعرف قريبا.
وجاءه المسيب بن نجية، فارس مضر الحمراء كلها، إذا عد من أشرافها عشرة كان هو أحدهم - على حد تعبير زفر بن الحارث الكلابي عنه -.
وجاءه آخرون من نظرائهم، وكلهم لم يحظ من الحسن الا بالرد الجميل والاستمهال إلى موت معاوية، لأنه صاحب عهده فيما تعاهدا عليه، ولأنه كان قد درس من أحوال الكوفة في تجربته الأولى، ما أغناه عن تجارب أخرى.
وكان آخر جوابه إليهم قوله: " ليكن كل رجل منكم حلسا من أحلاس (2) بيته ما دام معاوية حيا، فان يهلك معاوية، ونحن وأنتم احياء، سألنا الله العزيمة على رشدنا، والمعونة على أمرنا، وأن لا يكلنا إلى أنفسنا، فان الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون (3) ".

(1) ابن قتيبة (ج 1: ص 151).
(2) فلان حلس بيته يعني (ملازم بيته لا يبرحه).
(3) الإمامة والسياسة (ج 1 ص 152).
(٣٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 300 301 302 303 304 305 306 307 ... » »»