صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٠٦
فضل يزيد!!.. فلما اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار، وفيهم الأحنف بن قيس الفهري، فقال له: إذا جلست على المنبر، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي فاستأذن للقيام فإذا أذنا لك، فاحمد الله تعالى واذكر يزيد، وقل فيه الذي يحق له من حسن الثناء عليه!!.. ثم ادعني إلى توليته!. ثم دعا عبد الرحمن بن عثمان الثقفي وعبيد الله بن مسعدة الفزاري وثور بن معن السلمي وعبد الله بن عصام الأشعري، فأمرهم ان يقوموا إذا فرغ الضحاك، وان يصدقوا قوله!! فقام هؤلاء النفر خطباء يشيدون بيزيد!!.. إلى أن قام الأحنف بن قيس [ولم يكن من الممثلين الذين رتبهم معاوية لهذه الرواية] فقال:
" أصلح الله الأمير، ان الناس قد أمسوا في منكر زمان قد سلف، ومعروف زمان مؤتنف، وقد حلبت الدهور وجربت الأمور، فاعرف من تسند اليه الامر بعدك، ثم أعص من يأمرك، ولا يغررك من يشير عليك ولا ينظر إليك، مع أن أهل الحجاز وأهل العراق، لا يرضون بهذا، ولا يبايعون ليزيد ما دام الحسن حيا ".
ثم أردف قائلا:
" وقد علمت يا معاوية، أنك لم تفتح العراق عنوة، ولم تظهر عليه مقصا، ولكنك أعطيت الحسن بن علي من عهود الله ما قد علمت، ليكون له الامر من بعدك (1). فان تف فأنت أهل الوفاء، وان تغدر تظلم. والله ان وراء الحسن خيولا جيادا، وأذرعا شدادا، وسيوفا حدادا. وان تدن له شبرا من غدر، تجد وراءه باعا من نصر. وانك تعلم من أهل العراق، ما أحبوك منذ أبغضوك، ولا أبغضوا عليا وحسنا منذ أحبوهما، وما نزل

(1) وأخطأ فهم هذه الحقبة من الزمن كثير ممن كتب عنها، فقال حسن مراد في " الدولة الأموية " (ص 70): " ومن هنا نرى أن عهد معاوية بالخلافة لابنه يزيد على ما سيجيء لم يكن انتقالا غير منتظر!! ". وقد عرفت من كلام الأحنف هنا ومن كلامنا في البحوث الآنفة أنه كان انتقالا غير منتظر.
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»