صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٠٩
أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشم الرحلتين، رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا، منة عليكم!.
وقلت فيما قلت: لا ترد هذه الأمة في فتنة. واني لا أعلم فتنة لها أعظم من أمارتك عليها.
وقلت فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولامة محمد، واني والله ما أعرف أفضل من جهادك (أي: قتالك)، فان أفعل، فإنه قربة إلى ربي، وان لم أفعل، فأستغفر الله لذنبي، واسأله التوفيق لما يحب ويرضى.
وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك، فكدني يا معاوية فيما بدا لك، فلعمري لقديما يكاد الصالحون، واني لأرجو ان لا تضر الا نفسك، ولا تمحق الا عملك، فكدني ما بدا لك!.
" واتق الله يا معاوية!، واعلم ان لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها! واعلم ان الله ليس بناس لك قتلك بالظنة وأخذك بالتهمة، وإمارتك صبيا يشرب الشراب ويلعب بالكلاب!!. ما أراك الا وقد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعية، والسلام (1) ".
ثم قدم معاوية بعد ذلك إلى المدينة، ومعه خلق كثير من أهل الشام عدهم ابن الأثير بألف فارس. قال: " ثم دخل على عائشة، وكان قد بلغها انه ذكر الحسين وأصحابه وقال: لأقتلنهم ان لم يبايعوا.. فقالت له فيما قالت: وارفق بهم فإنهم يصيرون إلى ما تحب، ان شاء الله!! (2) ".
وقال الدينوري (3) بعد ذكره ورود معاوية إلى المدينة: " ثم جلس معاوية صبيحة اليوم الثاني، وأجلس كتابه بحيث يسمعون ما يأمر به،

(1) ابن قتيبة (ج 1 ص 63 - 65).
(2) أقول: ولنا ان نفهم من هذه اللغة أن أم المؤمنين نفسها كانت قد صارت إلى ما يحب معاوية من البيعة ليزيد!!
(3) (ج 1 ص 168 - 172).
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»