صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٠٣
2 - الوفاء بالشرط الثاني أجمع المؤرخون - بما فيهم المتحزبون والمستقلون - على أن العهد لذي أعطاه معاوية للحسن في شروط الصلح، هو أن لا يعهد بالامر من بعده إلى أحد، ومعنى ذلك رجوع الامر من بعده إلى صاحبه الشرعي، أعني الحسن بن علي فان لم يكن فللحسين أخيه، تمشيا مع مفهوم الشرط القائل بتسليم الامر محدودا بحياته، ومفهوم سلبه صلاحية العهد إلى أحد من بعده.
وأجمع المؤرخون - بعد ذلك - على أن معاوية نقض هذا العهد علنا، وعهد من بعده إلى ابنه يزيد (المعروف!!!).
ولسنا الآن بصدد مناقشة معاوية على نقضه العهد بعد ميثاقه، وهو - على كل حال - جماع غلطاته التي أركسه " الصلح " فيها من حيث يدري أو لا يدري، ولكنا وقد مررنا على موقف معاوية من عهوده مرات ومرات، لا نريد ان نمر هنا على تعيينه يزيد ابنه لخلافة المسلمين دون أن نقول: انه ارتكب بهذا العمل الجرئ أكبر اثم في دينه، وأفظع جريمة في الصالح العام. وقد كان من أبرز النتائج، لاعمال معاوية الارتجالية الجريئة هذه، ان تنحرف قيادة الاسلام عن منهجها القويم، وان تفقد الرعية قدوتها العملية، وان تسود الأثرة، ويضطرب حبل الثقة بين الافراد والجماعات، وأن ينعدم التجاوب والتفاعل الوجداني بين القادة والاتباع. فتتوزع الميول وتتباين المقاصد، ثم لا يزال الامر يأخذ بهم سفالا، حتى يستعد إلى الثورات الدامية والانتفاضات الداخلية التي كان لابد منها لتدارك الأخطاء والتنبه على الاخطار. دع عنك ما كان يقال عن يزيد هذا، وعن قابلياته الشخصية والخلقية التي عجت بها التواريخ، من يومه إلى يومنا، والتي
(٣٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 297 298 300 301 302 303 304 305 306 307 308 ... » »»