صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٤٢
الاشتراك فيها.
وأما لو قدر لهذه الحرب القصيرة العمر، أن تجتاح في طاحونتها حتى الحسن لينال الشهادة، وافترضنا أنه كان قد استطاع التسلل إلى مسكن والاشتراك في القتال - الامر الذي لا ينسجم وسير الحوادث هناك كما عرفت قريبا - فالجواب هو أن الشهادة التي يكون ثمنها إمحاء المبدأ إمحاء أبديا، لا يمكن ان تكون وسيلة نجاح في الله ولا في التاريخ.
وان التاريخ الذي سيناط به ذكر هذه الحرب، بعد شهادة الحسن وذيولها المؤسفة، سيروي للأجيال من شؤون الحسن وحروبه، ما لا يخرج بمفهومه عن معنى " الخروج ". وذلك هو ما أردنا التلميح اليه في كلامنا على " خطة معاوية تجاه أهداف الحسن " من هذا الفصل.
ولكي نزيد هذا الاجمال توضيحا نقول:
علمنا مما تقدم، أن الصفوة من حملة الكتاب، والبقية من الصحابة الأبرار، والنخبة المختارة من الشيعة الأوفياء، كانوا قد اجتمعوا للحسن عليه السلام فيمن دلف به إلى معاوية في زحفه هذا. ولا نعرف أن أحدا من هذا الطراز تخلف مختارا عن تلبية الحسن فيما دعا اليه من الجهاد.
فكان الموقف في هذه اللحظة المبدئية الدقيقة بين الحسن ومعاوية، أشبه بالموقف الآنف بين أبويهما رسول الله (ص) وأبي سفيان بن حرب يوم كان يبرز الايمان كله للشرك كله.
وعلمنا مما تقدم أيضا أنه لم يكن في الدنيا كلها مجموعة أخرى تؤتمن على الثقل الأكبر من نواميس الاسلام، والمبادئ المثالية الصحيحة على وجهها الصحيح، مثل هذه المجموعة التي اجتمعت للحسن في هذا الزحف.
فكان معنى تنفيذ فكرة الحرب، والتورط بهذه الزمرة في القتال المستميت الذي لن ينكشف منهم على نافخ ضرمة قط، هو التفريط بالثقل الأكبر الذي يحملونه ولا يحمله في الدنيا أحد غيرهم.
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 237 238 239 240 241 242 243 244 245 248 249 ... » »»