صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٣٢
خطبته ولم يقل شيئا من سب أبي تراب كعادته، فتصايح الناس من كل جانب: ويحك ويحك السنة السنة، تركت السنة! (1) ".
ثم كانت " سنة معاوية " هي الأصل التاريخي لتكوين هذه الكلمة تكوينا اصطلاحيا آخر، تناسل مع الأجيال، وتنسيق معه مناسباته السياسية الأولى.
وانتباهة منصفة في تناسق نفسيات الرجل، تغنيك عن استعراض أمثلة كثيرة من أعماله في هذا السبيل..
وبعد هذا، فما ظنك بمعاوية لو قدر له الظفر في حربه مع الحسن، وقدر للحسن الشهادة في الحرب؟.
أفكان من سوابق الرجل هذه، ما يدل على أنه سيلزم جانب الاعتدال والقصد، في استغلال انتصاره تجاه فلول الحرب من شيعة الحسن والبقية الباقية من الثابتين على العقيدة والايمان؟ أم أن موجة إبادة ساحقة ستكون هي عنوان علاقاته بهؤلاء، بعد موقفه الصريح من السلالة النبوية نفسها، وبعد أن يكون قد طحن في هذه الحرب أكبر رأس في البيت النبوي العظيم.
ان معاوية سوف لا يتقي بعد ذلك أحدا. وانه سوف لا يتردد سياسيا، ولا يتورع دينا، من أن يمضي قدما في تصفية حسابه مع المبدأ الذي أقض مضجعه وأكل قلبه وهزئ بكيانه، منذ ولي علي الخلافة، بل منذ طلعت الهاشمية بالنور على الدنيا، بل منذ هزمت المنافرة أمية إلى الشام.
وما كان معاوية بالذي يعجز عن وضع " تدابير محبوكة " أخرى لعملية محق الشيعة، بعد مقتل الحسن، يحتال بها على المغرورين بزعامته من الجيل الذي شد أزره على اصطناع ما أتاه من مخالفات.

(1) " الاسلام بين السنة والشيعة " (ص 25).
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 226 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»