صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٤٠
بيانه قريبا).
* * * ولنفترض الآن أن شيئا واحدا كان لا يزال تحت متناول الحسن في سبيل الاستمرار على الحرب، أو في سبيل الامتناع على الصلح.
ذلك هو أن يصدر أوامره من حصاره في " المدائن " إلى أنصاره في " مسكن " بمباشرة الحرب، تحت قيادة القائد الجديد " قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري "، الرجل العظيم الذي نعرف من دراسة ميوله الشخصية، أنه كان يؤثر الحرب حتى ولو صالح الامام (1). وإذا كانت ثورة المشاكسين في المدائن، قد حالت دون تكتيب هذا الجيش للقتال، فما كانت لتحول دون ارسال الأوامر إلى المخلصين الأوفياء في جيش مسكن بالحرب، ان سرا وان علنا.
ومن المحتمل أن كثيرا من المغلوبين على أمرهم من مجاهدة المدائن المخلصين، كانوا يستطيعون التسلل إلى " مسكن " لإنجاد القوات المحاربة هناك، فيما لو وجدوا من جانب الحسن استعدادا لهذه الفكرة أو تشجيعا عليها.
ولعل من المحتمل أيضا ان الامام نفسه كان يستطيع هو أيضا وبعد تريث غير طويل، ينتظر به خفوت الزوابع الدائرة حوله في المدائن، أن يخف إلى مسكن حيث النصر الحاسم، أو الشهادة بكل معانيها الكريمة في الله وفي التاريخ.
فلماذا ينزل إلى الصلح، وله من هذا التدبير مندوحة عنه؟.
نقول:
ربما كان في مستطاع الحسن اصدار هذه الأوامر في لحظاته الأخيرة في المدائن، وربما لم يكن.

(1) يراجع عن هذا ابن الأثير (ج 3 ص 162).
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»