حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٩
عزم المأمون على الرجوع إلى بغداد:
وأخذ المأمون يطيل التفكير، ويقلب الرأي على وجوهه في الرجوع إلى (بغداد)، عاصمة آبائه، وزينة الشرق، ولكن يصده عن تحقيق هذه الأمنية الغالية أمران:
الأول - وجود الامام على بن موسى الرضا (عليه السلام) ولي عهده الذي تحقد عليه الأسرة العباسية كأشد ما يكون الحقد، فقد خلعت بيعة المأمون، وبايعت ابن شكلة شيخ المغنين انتقاما منه لتقليده للامام بولاية العهد.
الثاني - وجود وزيره الفضل بن سهل على المسرح السياسي فقد نقم عليه العباسيون، معتقدين أنه هو الذي حبذ للمأمون عقد ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام).
ورأى المأمون أن يتخلص من الامام والفضل، ويصفيهما جسديا ليخلو له الجو، وينال بذلك رضى العباسين، ويزيل عنه سخطهم وانتقامهم، وهذا ما سنعرضه.
حمام سرخس:
ورأى المأمون أن يتخلص من الإمام الرضا (عليه السلام)، ومن الفضل بن سهل دفعة واحدة حتى تخلص له الأسرة العباسية فأوعز إلى عصابة مجرمة من عملائه القيام باغتيال الامام والفضل في حمام (سرخس)، وطلب منهما الدخول في الحمام في وقت واحد، ويكون هو معهما، وذلك لتغطية الامر، وعدم انكشافه لأي أحد، وكان الإمام عليه السلام يقظا حساسا فلم تخف عليه هذه المكيدة فرفض اجابته، فكتب المأمون إليه ثانيا يلتمسه، ويترجاه فاجابه الامام:
" لست بداخل غدا الحمام، فاني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المنام في هذه الليلة يقول لي: يا علي لا تدخل الحمام غدا، فلا أرى لك يا أمير المؤمنين، ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا... ".
فاجابه المأمون:
" صدقت يا سيدي، وصدق رسول الله (صلى الله عليه وآله) لست بداخل الحمام غدا، والفضل فهو اعلم وما يفعله... ".
وتتضح مكيدة المأمون بالنسبة إلى الفضل فقد خلاه وشأنه ليلاقي مصرعه على
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»
الفهرست