حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
زيف تشيعه:
والذي نراه بمريد من التأمل والتحقيق أن المأمون لم يكن من الشيعة، ولم يعتنق ولاء أهل البيت (عليهم السلام)، وانما بدرت هذه البوادر التي ذكرها لأغراض سياسية ، لا علاقة لها مطلقا بدعوى التشيع، ويدعم ذلك ما يلي:
1 - إنه من الأسرة العباسية التي عرفت بالبغض والعداء لأهل البيت (عليهم السلام)، فلم تنجب هذه الأسرة الا الجبابرة الطغاة الذين صبوا جام غضبهم على آل النبي (ص) وعترته، فقد عمدوا إلى قتلهم وتشريدهم، والتنكليل بهم، وقد اقترفوا معهم ما لم تقترفه الأسرة الأموية بل إن الأسرة الأموية على ما عرفت به من العداء العارم لأبناء النبي (ص) فإنها لم تقابلهم بمثل ما قابلتهم به بنو العباس، وقد كانت لبني أمية من الفواضل ما ليست لبني العباس، وقد أوضحنا بعض ما عانوه العلويون منهم في فصول هذا الكتاب.
وعلى أي حال فإنه من المستبعد جدا أن يتحول المأمون عن خطة آبائه، ويغير منهجهم وسلوكهم بين عشية وضحاها فيكون علوي الرأي، ومواليا لخصوم آبائه، ويعرض دولته إلى الخطر.
2 - أما انتقاصه لمعاوية، والحكام الذين سبقوه، وتفضيل الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) عليهم، فإنه لم يكن جديا، وإنما كان صوريا لأغراض سياسية، فقد روى التغلبي، وكان معاصرا له قال المأمون:
" وظنوا أنه لا يجوز تفضيل علي إلا بانتقاص غيره من السلف، والله ما استجيز أن انتقص الحجاج بن يوسف، فكيف بالسلف الطيب " (1).
إنه يتمنع من انتقاص الارهابي المجرم الحجاج الذي أغرق العراق لما سفكه من دماء الأبرياء.
ونسب له من الشعر ما يدعم ذلك، فقد قال:
أصبح ديني الذي أدين به * ولست منه الغداة معتذرا حب علي بعد النبي ولا * اشتم صديقا ولا عمرا ثم ابن عفان في الجبان مع ال‍ * أبرار ذاك القتيل مصطبرا

(1) حياة الإمام الرضا نقلا عن عصر المأمون 1 / 369.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست