حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
كبرت ثم اتخذها دينا، ومضى مصرا عليها فهو مخلد بين اطباق الجحيم ".
وصدق العلماء الحديث وأقروا به، فقال لهم المأمون:
خبروني عن رجل تختاره الأمة، هل يجوز أن يقال له: خليفة رسول الله (ص) ومن قبل الله عز وجل، ولم يستخلفه الرسول (ص)؟ فإن قلتم نعم، فقد كابرتم، وإن قلتم: لا وجب أن يكون فلان غير خليفة لرسول الله (ص).
وأقبل المأمون يعظهم بعد حديث جرى بينه وبين العلماء في هذا الموضوع قائلا:
" اتقوا الله، وانظروا لأنفسكم، ودعوا التقليد، وتجنبوا الشبهات، فوالله ما يقبل الله تعالى إلا من عبد لا يأتي إلا بما يعقل، ولا يدخل إلا فيما يعلم أنه حق، والريب شك، وادمان الشك كفر بالله تعالى، وصاحبه في النار... ".
والتفت إليهم بعد هذا التأنيب، قائلا:
" أخبروني عن النبي (ص) هل استخلف حين مضى؟ أم لا ".
فقالوا جميعا:
" لم يستخلف ".
وأشكل عليهم المأمون قائلا:
" فتركه ذلك - اي الاستخلاف لاحد من بعده - هدى أم ضلال؟... ".
فأجابوا:
" بلى هدى ".
وانبرى المأمون يقيم الدليل على بطلان ما ذهبوا إليه قائلا:
" فعلى الناس أن يتبعوا الهدى، ويتركوا الباطل ويتنكبوا الضلال؟... ".
فأجابوا:
" وقد فعلوا ذلك - أي اتبعوا الهدى - ".
وأخذ المأمون يقيم أروع الحجج والبراهين على زيف ما قالوه: قائلا:
" لم استخلف الناس بعده - أي بعد النبي (ص) - وقد تركه هو فترك فعله ضلال، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى... وإذا كان ترك الاستخلاف هدى، فلم استخلف أبو بكر ولم يفعله النبي (صلى الله عليه وآله)؟ ولم جعل عمر الامر بعده شورى بين المسلمين خلافا على صاحبه، لأنكم زعمتم أن النبي (ص) لم يستخلف،
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست