حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٨٦
طريق الكوفة وقم هو ان هاتين المدينتين من مراكز الشيعة، وأهلها ممن يدينون بالولاء للإمام (عليه السلام) ويقولون بإمامته، ومن الطبيعي انه إذا اجتاز عليهما فسوف يقابل بمزيد من الحفاوة والتكريم الامر الذي يعزز مركز الإمام (عليه السلام)، ويشكل ذلك خطرا على الدولة العباسية، أما مرور الامام على (البصرة) فلا مكسب فيه للامام لأنها كانت عثمانية الهوى، كما كانت تدين بالولاء للعباسيين وهذا الاجراء يكشف عن زيف خطة المأمون في التخلي عن الحكم، وارجاعه للعلويين.
الامام يودع قبر النبي:
ولم يجد الإمام (عليه السلام) بدا من إجابة المأمون، فمضى إلى فبر جده الرسول (صلى الله عليه وآله) فودعه الوداع الأخير، وعلم أنه لا عودة له إلى جواره، روى محول السجستاني قال:
لما ورد البريد بأشخاص الإمام الرضا إلى (خراسان) كنت أنا بالمدينة فدخل المسجد ليودع قبر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله) فودعه مرارا، وكان صوته يعلو بالبكاء والنحيب، فتقدمت إليه، وسلمت عليه، فرد السلام، وهنأته بما يصير إليه.
فقال (عليه السلام):
" ذرني فاني أخرج من جوار جدي (صلى الله عليه وآله) فأموت في غربة وادفن في جنب هارون ".
قال محول: فخرجت متبعا طريق الامام حتى مات ب‍ (طوس)، ودفن بجنب هارون " (1).
الامام يأمر أهله بالبكاء عليه:
وكان الإمام الرضا (عليه السلام) على علم لا يخامره أدنى شك ان لا عودة له إلى أهله ووطنه، فودعهم الوداع الأخير، وجمع عياله وأمرهم بالبكاء والنحيب عليه، وهو يسمع ذلك، ووزع عليهم أثني عشر ألف دينار (2) وعرفهم أنه لا يرجع إليهم أبدا.

(١) أعيان الشيعة ٤ / ق ٢ / ١٢٢.
(٢) أعيان الشيعة ٤ / ق ٢ / ١٢٣ كشف الغمة ٣ / 95.
(٢٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 ... » »»
الفهرست