حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
وان أبا بكر استخلف، وعمر لم يترك الاستخلاف كما فعل أبو بكر، وجاء بمعنى ثالث - وهو الشورى التي نص عليها لتعيين الخليفة من بعده فخبروني أي ذلك ترونه صوابا، فإن رأيتم فعل النبي (ص) صوابا فقد أخطأتم أبا بكر، وكذلك القول في بقية الأقاويل وخبروني أيهما أفضل ما فعله النبي (ص) بزعمكم من ترك الاستخلاف، أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟.
وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول (ص) هدى وفعله من غيره هدى؟ فيكون هدى ضد هدى؟ فأين الضلال حينئذ.
وخبروني هل ولي أحد بعد النبي (ص) باختيار الصحابة منذ قبض النبي (ص) إلى اليوم؟ فإن قلتم: لا فقد أوجبتم أن الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي (ص).
وإن قلتم: نعم، كذبتم الأمة، وأبطل قولكم: الوجود الذي لا يدفع وخبروني عن قول الله عز وجل: (قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله) (1).
أصدق هذا أم كذب؟.
فأجابوا:
" نعم - انه صدق - ".
وانبرى المأمون قائلا:
" أليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه؟ ".
" نعم... ".
وثار المأمون فقال:
" ففي هذا بطلان ما أوجبتم من اختياركم خليفة، تفرضون طاعته، وتسمونه خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه، وعمل بخلاف محبتكم، ومقتول إذا أبى الاعتزال... ".
وتكلم بعد هذا الكلام بعنف مع القوم، ثم استقبل القبلة ورفع يديه قائلا:
" اللهم إني قد أرشدتهم، اللهم إني قد أخرجت ما وجب علي اخراجه من عنقي.

(1) سورة الأنعام: آية 12.
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست