مات الامام المرتضى مسموما * وطوى الزمان فضائلا وعلوما قد مات في الزوراء مظلوما * كما أضحى أبوه بكربلا مظلوما فالشمس تندب موته مصفرة * والبدر يلطم وجهه مغموما (1) إن اغتياله للسادة العلويين، ومطاردتهم حتى هربوا خوفا منه مختفين في الأقطار والأمصار ينسف دعوى تشيعه، وانه لا علاقة له بالولاء لأهل البيت شأنه شأن آبائه الذين هم من ألد أعداء أبناء النبي (صلى الله عليه وآله).
أسباب تظاهره بالتشيع:
ولا بد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن بعض الأسباب التي دعت المأمون لتظاهره بالولاء لأهل البيت (عليه السلام)، واعلان تشيعه في المحافل الرسمية، وفيما أحسب ان الذي دعاه لذلك ما يلي:
أ - إنه كان مختلفا كأشد ما يكون الاختلاف مع أسرته العباسية الذين كانت ميولهم مع أخيه الأمين، لان أمه السيدة زبيدة، وهي من صميم الأسرة العباسية، وكانت من أندى الناس كفا، ومن أكثرهم عطاء وصلة للعباسيين، أما أم المأمون فهي (مراجل)، وكانت من إماء القصر، وكان العباسيون يحتقرون المأمون من جهة أمه، فأراد بما أظهره من الولاء للعلويين، وعقده بولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) ارغامهم، واذلالهم، وقهرهم.
ب - انه أراد باظهاره التشيع ارضاء قادة جيشه الذين كانت لهم ميول ومحبة لأهل البيت (عليهم السلام).
ج - وانما عمد المأمون إلى العطف على العلويين، وإذاعة فضائل الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) جلب عواطف الشعب البار الذين أترعت عواطفهم وقلوبهم بالمحبة والولاء لأهل البيت (عليهم السلام) وقد تسلح بهم في محاربته لأخيه الأمين.
د - ومن الأسباب الوثيقة جدا التي دعت المأمون إلى التظاهر بالتشيع وعقده بولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) هو القضاء على الثورة العارمة التي فجرتها الشيعة بقيادة السادة العظام من أبناء الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، فقد التهمت الكثير من مناطق العالم الاسلامي وكادت تقضي على الحكم العباسي، ولكنه