حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٤
اللهم إني أدين بالتقرب إليك بتقديم علي (عليه السلام) على الخلق بعد نبيك محمد (صلى الله عليه وآله)، كما أمرنا به رسولك (صلى الله عليه وآله)... (1) ".
ووجم القوم، ولم يجدوا منفذا يسلكون فيه للدفاع عما يرونه وكان معظم استدلال المأمون على امامة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) قائما على المنطق والدليل، ولا أكاد أعرف حقيقة ناصعة واضحة وضوح الشمس كإمامة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقد فرضته مواهبه وعبقرياته، وشدة انابته إلى الله وزهده، وتخليه من الدنيا كل ذلك جعله أولى بالنبي (صلى الله عليه وآله) من غيره، فلم يملك أحد من الصحابة، ولا من أقرباء النبي (ص) وأرحامه مثل ما يملكه من الطاقات الندية الخلاقة من العلم والنزاهة والشرف وغير ذلك من الصفات الكريمة والنزعات العظيمة، وبهذه الجهة كان أولى بمركز النبي ومقامه، وأما قرابته من النبي فليس لها أي أثر في ترجيحه على غيره من المسلمين، فإن هذه الجهة لا تصلح دليلا تثبت به أحقية الإمام (عليه السلام) بالخلافة.
وعلى أي حال فإن ما أقامه المأمون من هذه الأدلة على امامة الامام أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يكن المقصود منها إلا التقرب إلى الإمام الرضا (عليه السلام) حتى ينال ثقته منه، وقد صرح بذلك إسحاق بن حماد فقال: لم يكن الغرض في تفضيله الإمام علي (عليه السلام) على جميع الصحابة إلا تقربا للامام أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، وكان الامام نفسه يقول لأصحابه الذين يثق بهم: لا تغتروا بقوله:
فما يقتلني والله غيره، ولكن لا بد لي من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله (2).
عقده بولاية العهد للامام:
وثمة دليل آخر اعتمد عليه الذاهبون إلى تشيع المأمون وهو عقده بولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام)، وبذلك فقد عرض الخلافة التي تقمصها العباسيون إلى الخطر، وتسليمها إلى السادة العلويين.
هذه أهم الأدلة التي استند إليها القائلون بتشيع المأمون وانه علوي الفكر والرأي:

(1) عيون أخبار الرضا 2 / 184 - 199 البحار.
(2) عيون أخبار الرضا 2 / 185.
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»
الفهرست