حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٠
واشكل شخص أخر من المتكلمين فقال:
" لم لا يقاتل علي (عليه السلام) أبا بكر وعمر، كما قاتل معاوية؟ ".
وأجاب المأمون:
" المسألة محال لان لم اقتضاء، ولم يفعل نفي، والنفي لا يكون له علة، انما العلة، للاثبات، وانما يجب أن ينظر في أمر على (عليه السلام) امن قبل الله أم من قبل غيره، فان صح أنه من قبل الله تعالى، فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (1) فأفعال الفاعل تبع له صلة، فإن كان قيامه عن الله تعالى، فأفعاله عنه، وعلى الناس الرضى والتسليم، وقد ترك رسول الله (ص) القتال يوم (الحديبية) يوم صد المشركون هديه عن البيت، فلما وجد الأعوان وقوي حارب كما قال الله تعالى: في الأول: (فاصفح الصفح الجميل) (2) ثم قال عز وجل:
(فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد) (3).
وانبرى متكلم آخر فقال:
" إذا زعمت أن امامة علي (عليه السلام) من قبل الله تعالى، وانه مفترض الطاعة، فلم لا يجوز إلا التبليغ والدعاء للأنبياء (عليهم السلام) وجاز لعي أن يترك ما أمر به من دعوة الناس إلى طاعته؟... ".
جواب المأمون:
" إنا لم نزعم أن عليا (عليه السلام) أمر بالتبليغ فيكون رسولا، ولكنه وضع علما بين الله تعالى وبين خلقه، فمن تبعه كان مطيعا، ومن خالفه كان عاصيا، فان وجد أعوانا يتقوى بهم جاهد، وان لم يجد أعوانا فاللوم عليهم لا عليه لأنهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلا بقوة، وهو بمنزلة البيت، على الناس الحج إليه، فإذا حجوا أدوا ما عليهم، وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت ".

(1) سورة النساء: آية 65.
(2) سورة الحجر: آية 85.
(3) سورة التوبة: آية 5.
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»
الفهرست