حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٧٤
وآثر طاعة الله تعالى على كل شئ، وكان بيته خاليا من جميع أمتعة الحياة وقد تحدث عنه إبراهيم بن عبد الحميد فقال: دخلت عليه في بيته الذي كان يصلي فيه، فإذا ليس فيه شئ سوى خصفة، وسيف معلق، ومصحف (1). وكان كثيرا ما يتلو على أصحابه سيرة الصحابي الثائر العظيم أبي ذر الغفاري الذي طلق الدنيا، ولم يحفل بأي شئ من زينتها قائلا:
" رحم الله أبا ذر، فلقد كان يقول: جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من الشعير: أتغذى بأحدهما، وأتعشى بالآخر، وبعد شملتي الصوف ائتزر بأحدهما وأتردى بالأخرى " (2).
لقد وضع الإمام موسى (عليه السلام) نصب عينيه سيرة العظماء الخالدين من صحابة جده سيد المرسلين يشيد بسيرتهم، ويتلو مآثرهم على أصحابه وتلاميذه لتكون لهم قدوة حسنة في حياتهم.
4 - حلمه:
أما الحلم فهو من أبرز صفات سيدنا الكاظم (عليه السلام)، فقد كان مضرب المثل في حلمه وكظمه للغيظ، ويقول الرواة: انه كان يعفو عمن أساء إليه، ويصفح عمن اعتدى عليه، وذكر الرواة بوادر كثيرة من حلمه كان منها:
1 - ان شخصين من أحفاد عمر بن الخطاب كان يسئ للإمام موسى ويسب جده الامام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فأراد بعض شيعة الامام اغتياله فنهاهم عن ذلك، ورأى أن يعالجه بغير ذلك فسأل عن مكانه، فقيل له: إن له ضيعة في بعض نواحي يثرب وهو يزرع فيها فركب الامام بغلته، ومضى متنكرا إليه، فأقبل نحوه فصاح به العمري لا تطأ زرعنا فلم يحفل به الامام إذ لم يجد طريقا يسلكه غير ذلك، ولما انتهى إليه قابله الامام ببسمات فياضة بالبشر قائلا له:
" كم غرمت في زرعك هذا!.. " " مائة دينار.. ".
" كم ترجو ان تصيب منه؟ " " أنا لا أعلم الغيب.. ".

(١) البحار ١١ / ٢٦٥.
(٢) أصول الكافي ٢ / 134.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست