حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ٢٠٢
بالرسالة، فقد جاء فيها بعد البسملة:
" الحمد لله أهل الحمد ووليه، وله آخره وبدؤه، ذو النعم والافضال والاحسان، والاجمال، أحمده على نعمه المتظاهرة وفواضله وأياديه المتكاثرة، واشكره على منحه ومواهبه شكرا يوجب زيادته، ويقرب زلفى، اشهد ان الا إله إلا الله شهادة مخلص له بالايمان غير جاحد، ولا منكر له بربوبيته ووحدانيته، بل شهادة تصدق نسبته لنفسه، وانه كما قال عز وجل: (قل هو الله أحد الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) وكذلك ربنا عز وجل، وصلى الله على سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله خاتم النبيين.
أما بعد: فإني نظرت في رسالة ابن عمي العلوي الأديب والفاضل الحبيب.
والمنطقي الطبيب، في اصلاح الأجسام، وتدبير الحمام، وتعديل الطعام، فرأيتها في أحسن التمام، ووجدتها في أفضل الانعام، ودرستها متدبرا، ورددت نظري فيها متفكرا، فكلما أعدت قراءتها، والنظر فيها ظهرت لي حكمتها، ولاحت لي فائدتها، وتمكنت من قلبي منفعتها، فوعيتها حفظا، وتدبرتها فهما، إذ رأيتها من أنفس العلائق، وأعظم الذخائر، وأنفع الفوائد، فأمرت ان تكتب بالذهب لنفاستها، وحسن موقعها، وعظم نفعها، وكثرت بركتها، وسميتها (المذهبة) وخزنتها في خزانة الحكمة، وذلك بعد أن نسخها آل هاشم فتيان الدولة، لان بتدبير الأغذية تصلح الأبدان، وبصحة الأبدان تدفع الأمراض، وبدفع الأمراض تكون الحياة وبالحياة تنال الحكمة، وبالحكمة تنال الجنة وكانت أهلا للصيانة والادخار، وموضعا للتأهيل والاعتبار وحكما يعول عليه، ومشيرا يرجع إليه، ومن معادن العلم آمرا وناهيا ينقاد له، ولأنها خرجت من بيوت الذين يوردون حكم الرسول (صلى الله عليه وآله) المصطفى، وبلاغات الأنبياء، ودلائل الأوصياء، وآداب العلماء وشفاء للصدور والمرضى من أهل الجهل والعمى رضوان الله عليهم وبركاته أولهم وصغيرهم وكبيرهم.
فعرضتها على خاصتي وصفوتي من أهل الحكمة والطب وأصحاب التأليف والكتب المعدودين في أهل الدراية والمذكورين بالحكمة، وكل مدحها وأعلاها، ورفع قدرها وأطراها انصافا لمصنفها، واذعانا لمؤلفها وتصديقا له فيما حكاه فيها، فمن وقعت إليه هذه الرسالة من بعدنا من أبنائنا، وأبناء دولتنا، ورعايانا وسائر الناس على طبقاتهم فليعرف قدرها، والموهبة له، وتمام النعمة له، وليأخذها بشكر فإنها أنفس من العقيان وأعظم خطرا من الدر والمرجان، وليستعمل حفظها وعرضها على همته
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست