حياة الإمام الرضا (ع) - الشيخ باقر شريف القرشي - ج ١ - الصفحة ١٧١
يوما ثانيا، فقال مثل ذلك، فلم يجبه أحد فقام فيهم اليوم الثالث، فقال: " أيها الناس! إن الله قد فرض عليكم فرضا، فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد. فقال " أيها الناس إنه ليس ذهبا ولا فضة، ولا مأكولا ولا مشروبا، قالوا: فهات إذا فتلا عليهم هذه الآية فقالوا: اما هذا فنعم، فما وفى به أكثرهم.
وأضاف الامام قائلا: حدثني أبي عن جدي آبائه عن الحسين بن علي (عليهم السلام) قال: اجتمع المهاجرون والأنصار إلى رسول الله (ص) قالوا:
إن لك يا رسول الله مؤونة في نفقتك، وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا، مأجورا اعط ما شئت، وامسك ما شئت من غير حرج، فأنزل الله عز وجل عليه الروح الأمين، فقال: يا محمد (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) لا تؤذوا قرابتي من بعدي، فخرجوا فقال أناس منهم: ما حمل رسول الله على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده، إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله هذه الآية (أم يقولون افتراه قل إن افتريته فلا تملكون لي من الله شيئا هو أعلم بما تفيضون فيه كفى به شهيدا بيني وبينكم وهو الغفور الرحيم) (1) فبعث إليهم النبي (ص) فقال: هل من حدث؟ فقالوا: أي والله يا رسول الله، لقد تكلم بعضنا كلاما عظيما فكرهناه، فتلا عليهم رسول الله (ص) فبكوا واشتد بكاؤهم فأنزل الله تعالى (وهو الذي يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون) (2). فهذه السادسة.
وأما السابعة: فيقول الله: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما) (3) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية، قالوا: يا رسول الله قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال:
تقولون: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد.
والتفت الامام إلى العلماء فقال لهم:
" هل في هذا اختلاف؟ ".
فقالوا جميعا؟؟ بصوت واحد.

(1) سورة الأحقاف / آية 7.
(2) سورة الشورى / آية 24.
(3) سورة الأحزاب / آية 56.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 177 ... » »»
الفهرست