وانصرف عن ذلك نهائيا.. اللهم إلا بعض مناظرات نادرة ومحدودة جدا في بغداد، لا تقاس بتلك التي كانت تجري في مرو على الاطلاق..
الإمام يقول: إن المأمون سوف يندم:
هذا.. ولم يكن من الغريب: أن يعلم الرضا (ع) بمقاصد المأمون، وحقيقة نواياه من مثل هذه التصرفات، وكان (ع) يقول: ".. إذا سمع احتجاجي على أهل التوراة بتوارتهم، وعلى أهل الإنجيل بإنجيلهم، وعلى أهل الزبور بزبورهم، وعلى الصابئين بعبرانيتهم، وعلى أهل الهرابدة بفارسيتهم، وعلى أهل الروم بروميتهم، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم، فإذا قطعت كل صنف، ودحضت حجته، وترك مقالته، ورجع إلى قولي، علم المأمون أن الموضع الذي هو بسبيله ليس بمستحق له، فعند ذلك تكون الندامة منه.. (1).
نعم.. إنه سوف يندم كثيرا عندما يرى: أن كل ما كان يدبره ينقلب عليه، ويؤدي إلى عكس النتيجة التي كان يرجوها منه.. حتى إن الناس كانوا يقولون: " والله، إنه أولى بالخلافة من المأمون، فكان أصحاب الأخبار يرفعون ذلك إليه، فيغتاظ ويشتد حسده.. " (2).
وهكذا. فإن هذا القول يعتبر تحقيقا لنبوءة الإمام: من أن المأمون سوف يندم. إذا علم أن الموضع الذي هو بسبيله ليس بمستحق له.
ولقد علم المأمون، ولكن بعد فوات الأوان بذلك، وبأنه قد ساعد بأعماله تلك على اتساع القاعدة الشعبية للإمام (ع) وإظهار مزاياه