حياة الإمام الرضا (ع) - السيد جعفر مرتضى - الصفحة ٣٩١
الآخر، والأهم منها، فقد نجا الإمام (ع) بفضل وعيه ويقظته، ووقع الفضل في الشرك وحده وقتل بتدبير من المأمون، فرضي بذلك العباسيون، وقتل قتلته، فرضي الحسن بن سهل والخراسانيون.
ومجمل قضية قتل الفضل هنا: " أن المأمون لما رأى إنكار الناس ببغداد لما فعله من نقل الخلافة إلى بني علي، وأنهم نسبوا ذلك إلى الفضل بن سهل، ورأى الفتنة قائمة ولا يستطيع أن يقتل الفضل جهارا لمكان أخيه الحسن بن سهل، وكثرة من معه من الرجال (1) فأعمل الفكرة في ذلك، ودس جماعة لقتل الفضل..
والذين قتلوا الفضل كانوا خمسة أشخاص من حشم المأمون، أحدهم:
خاله غالب، فأخذوا وجئ بهم إليه، فقالوا: أنت أمرتنا بقتله!.
فقال لهم: أنا أقتلكم بإقراركم، وأما ما ادعيتموه: من أني أنا أمرتكم بذلك، فدعوى ليس لها بينة، ثم أمر بهم فضربت أعناقهم، وحمل رؤوسهم إلى الحسن أخي الفضل، وأظهر الحزن عليه.. " (2)! كما أنه قد أقصى قوما من قواده سماهم الشامتة، وأظهر عليه أشد الجزع كما نص عليه اليعقوبي، وواضح أن قتله لقتلة الفضل، ثم إرساله رؤوسهم إلى الحسن، ثم إظهاره للحزن عليه لخير دليل على دهائه وحنكته السياسية.
بل ذكر المسعودي، ويظهر ذلك من غيره أيضا: أن المأمون قتل

(١) راجع لطف التدبير ص ١٦٤ - ١٦٦.
(٢) راجع في ذلك: الآداب السلطانية ص ٢١٨، وتاريخ ابن خلدون ج ٣ ص ٢٤٩، ولطف التدبير ص 164 - 166 ومآثر الإنافة ج 1 ص 211، والكامل لابن الأثير ج 5 ص 191 و 192، والطبري ج 11 ص 1027، ووفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ج 1 ص 414، ومرآة الجنان ج 2 ص 7، وإثبات الوصية ص 207، وليراجع تجارب الأمم ج 6 ص 443.
(٣٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 386 387 388 389 390 391 392 393 394 395 396 ... » »»
الفهرست