أخبرني بعجب. سألته ليلة، وقد بايع له الناس، فقلت: جعلت فداك، أرى لك أن تمضي إلى العراق، وأكون خليفتك بخراسان، فتبسم، ثم قال: لا.. لعمري.. " إلى أن يقول المأمون: " فجهدت الجهد كله، وأطمعته في الخلافة، وما سواها، فما أطمعني في نفسه.. " (1).
ولماذا هذا العرض:
عجيب إذن!.. هكذا أصبحت الخلافة رخيصة إلى هذا الحد!
الخلافة. التي لم يكن يعدلها عنده في الدنيا شئ!. الخلافة.. التي قتل من أجلها المئات والألوف!، وخرب المدن ودك الحصون!!.
التي قتل من أجلها أخاه، ومن معه، وقواده، ووزراءه!.. الخلافة هذه.. أصبحت رخيصة إلى حد أنه يبذلها - حسب منطقه - لرجل غريب!، وفي مقابل أي شئ؟! في مقابل أن يذهب إلى العراق!.!.
ولقد عرفنا الخلافة التي بذلها، لكن ما سواها لم نستطع أن نعرفه بالتحديد!.
ولماذا يجهد الجهد كله؟! ولماذا يبذل الخلافة؟! ولماذا يبذل ما سواها؟! لماذا كل ذلك؟!. أليس هو ذا القوة والسلطان؟!، فلم لا يجبر الإمام (ع) على ذلك، كما أجبره على قبول ولاية العهد؟!.
ألم يكن باستطاعته أن يرسله مقيدا مصفدا بالحديد؟!. ولماذا يسمح له بأن يعصيه ويخالف أمره؟!. أفلا يعتبر ذلك جريمة يستحق عليها أقسى العقوبات، باعتبار أنه يعرض الخليفة والخلافة، وهيبتهما للخطر؟!.