الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ٢٠٩
ابن هاشم، لأنهما كانا يعايشان قريشا " ويتفقان على مباينة رسول الله - صلى الله عليه وآله -.
فأما أبو لهب فإن الله أهلكه كافرا "، وأنزل فيه تعالى ما هو معلوم.
أبو سفيان بن الحرث يعلن اسلامه:
وأما أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب (1) فإنه أسلم عام الفتح

(1) أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب بن هاشم، ابن عم رسول الله (ص) وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما حليمة السعدية أياما، وقيل: اسمه المغيرة، والصحيح ان المغيرة أخوه من أمه غزية بنت قريش بن طريف. كان ترب النبي قبل البعثة يألفه ألفا " شديدا "، وعندما بعث عاداه وهجاه وهجا أصحابه، وكان شاعرا "، وقد رد عليه حسان بن ثابت مرة بقوله:
هجوت محمدا " فأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء فلما كان عام الفتح، وقبل دخول رسول الله مكة، ألقى الله في قلبه الايمان ورحل ومعه ولده جعفر، فلقيا رسول الله (ص) بالأبواء، وأسلما. وقيل: بل لقيه هو وعبد الله بن أبي أمية بين السقا والعرج (الأبواء، والسقيا، والعرج:
مواضع بين مكة والمدينة) فاعرض رسول الله (ص) عنهما، فكلمته أم سلمة فيهما فقال: لا حاجة لي بهما. يقال: فعلم أبو سفيان بذلك، وكان معه ولد له، فقال:
والله ليأذنن لي أو لآخذن بيد ابني هذا، ثم لنذهبن في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا "، فقال له علي بن أبي طالب (ع): ائت رسول الله من قبل وجهه، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف (تالله لقد آثرك الله علينا وان كنا لخاطئين) فإنه لا يرضى ان يكون أحد أحسن قولا منه ففعل ذلك، فقال رسول الله: (اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين). قال ابن هشام: (وأنشد أبو سفيان بن الحرث قوله في إسلامه، واعتذر إليه مما كان مضى منه، فقال):
لعمرك إني يوم أحمل راية * لتغلب خيل اللات خيل محمد لكا لمدلج الحيران أظلم ليله * فهذا أواني حين أهدى واهتدى هداني هاد غير نفسي ونالني * مع الله من طردت كل مطرد أصد وأنأى جاهدا " عن محمد * وادعى (وإن لم انتسب) من محمد هم ما هم من لم يقل بهواهم * وإن كان ذا رأي يلم ويفند أريد لأرضيهم ولست بلائط * مع القوم ما لم أهد في كل مقعد فقل لثقيف لا أريد قتالها * وقل لثقيف تلك غيري أو عدي فما كنت في الجيش الذي نال عامرا " * وما كان عن جرا لساني ولا يدري قبائل جاءت من بلاد بعيدة * نزائع جاءت من سهام وسردد قال محب الدين الطبري: شهد أبو سفيان حنينا " وأبلى فيها بلاء حسنا "، وقد ثبت مع رسول الله حين فر القوم ولم تفارق يده لجام بغلة رسول الله. وكان من الخمسة الذين يشبهون رسول الله، وقد شهد النبي له بالجنة، وقال (ص) يوم حنين (أبو سفيان من خير أهلي) ونقلت المصادر: انه كان يصلي في كل ليلة الف ركعة.
وقال أبو سفيان بن الحرث لأهله لما حضرته الوفاة: لا تبكوا علي فاني لم اقترف خطيئة منذ أسلمت. مات بالمدينة سنة عشرين ودفن في دار عقيل بن أبي طالب، وقال ابن قتيبة: دفن بالبقيع، وقيل: سنة 16، وقيل: 15، وكان هو الذي حفر قبره بيده قبل ان يموت بثلاثة أيام. راجع (الإصابة ت 538 كنى وسيرة ابن هشام: 400 - 401 / 4 وذخائر العقبي: 241 - 243 والدرجات الرفيعة:
165 - 167).
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»