الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب - السيد فخار بن معد - الصفحة ١٩٠
قيام بني هاشم معه في نصره سعوا بينهم، واجتمعوا، وقالوا: ننافي بني هاشم، ونكتب صحيفة، ونودعها الكعبة (1): أن لا نبايعهم، ولا نشاريهم ولا نحدثهم، ولا نستحدثهم، ولا نجتمع معهم في مجمع، ولا نقضي لهم
(1) تعاقدت قريش مع بني هاشم - بعد أن علمت قريش ان لا قدرة لها على قتل رسول الله (ص) وان أبا طالب لا يسلم محمدا " إليها - على أن لا تبايع قريش أحدا " من بني هاشم ولا تناكحهم، ولا تعاملهم حتى يدفعوا إليهم محمدا " فيقتلوه، وكتبت الصحيفة وختمت بثمانين خاتما "، وكان الذي كتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وفي رواية بغيض. وعلقت في الكعبة ثم حاصرت قريش رسول الله (ص) وأهل بيته من بني هاشم، وبني المطلب بن عبد مناف في الشعب الذي يقال له شعب بني هاشم بعد ست سنين من مبعثه. فأقام ومعه جميع بني هاشم وبني المطلب في الشعب ثلاث سنين، حتى أنفق رسول الله ماله، وأنفق أبو طالب، وأنفقت خديجة بنت خويلد جميع مالها، وصاروا إلى حد الضر والفاقة، ثم نزل جبرئيل على رسول الله (ص) فقال: إن الله قد سلط الأرضة على صحيفة قريش، فلم تدع فيها اسما هو لله إلا أثبتته فيها، ونفت منه الظلم والقطيعة والبهتان. فأخبر رسول الله (ص) عمه أبا طالب بذلك، فقال: أربك أخبرك بهذا؟ قال: نعم، فوالله ما يدخل عليك أحد، ثم خرج إلى قريش فقال:
يا معشر قريش، ان ابن أخي أخبرني بكذا وكذا فهلموا إلى صحيفتكم، فان كان كما قال ابن أخي، فانتهوا عن قطيعتنا وانزلوا عما فيها، وإن يكن كاذبا " دفعت إليكم ابن أخي، فقال القوم: رضينا، فتعاقدوا على ذلك، ثم نظروا، فإذا هي كما قال رسول الله (ص)، ولما تدع الأرضة الا مواضع (بسم الله عز وجل)، فقالت قريش:
ما هذا إلا سحر وما كنا قط أجد في تكذيبه منا ساعتنا هذه، وخرج بنو هاشم من الشعب، وانتهى الحصار الذي دام ثلاث سنوات. راجع (سيرة ابن هشام:
374 / 1 وتاريخ اليعقوبي: 22 / 2 وغيرها من المصادر).