يجدي فيه غير البتر والتطهير.
في مستهل رجب من السنة التاسعة للهجرة، أمر المصطفى أصحابه بالتهيؤ لغزو الروم، تثبيتا لجند الله في لقاء عدو مرهوب، وليزيل التهيب الذي تركته التجربة الأولى في مؤتة.
وأراد الله سبحانه أن تكون هذه الغزوة امتحانا لايمان المؤمنين، وفاضحة لزيف المنافقين المحسوبين على الاسلام زورا وادعاء.
ولم يكن من عادة الرسول القائد، أن يصرح بوجهته في كل مرة يخرج فيها بأصحابه للجهاد، بل يكتفي بالتكنية عنها، تدريبا لجند الاسلام على الامتثال لأمر الله والرسول.
لكنه في هذه المرة، صرح بوجهته لم يكن عنها، لبعد المسير وشدة الوقت وكثرة العدو الذي يصمد له، حتى يتأهب المسلمون لذلك أهبتهم (1).
وذلك في زمان من عسرة الناس وشدة من الحر، وحين طابت الثمار بعد جدب، فطاب للناس المقام في ثمارهم وظلالهم.
وبدأ المنافقون منهم ينتحلون الاعذار للتخلف والقعود، حتى إن أحدهم ليقول للمصطفى:
- يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتني؟ فوالله لقد عرف قومي