مع المصطفى - الدكتورة بنت الشاطئ - الصفحة ١٩١
وما تجنبت الصدام المسلح مع الاسلام في مكة، إلا رعاية لما للبلد العتيق من حرمة جعلته معبد القبائل العربية ومركز مواسمها التجارية.
كان في حسابها أن تواجه الخطر بالمفاوضة والمساومة، ثم بالالحاح في إيذاء المسلمين وتعذيب المستضعفين منهم، وتحذير كل وافد إلى مكة في الموسم، من الاصغاء إلى ما يتلو محمد - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الاسلام.
ثم كان الحصار المنهك وسيلة أخرى من وسائلهم في مقاومة الدعوة، والترصد لمن يحاول الهجرة من المسلمين، ومطاردتهم حيثما ذهبوا.
حتى كان عام الحزن، إيذانا بحتمية التماس منفذ من الأسوار التي سدت الطريق.
أحس المصطفى بموت زوجه السيدة خديجة وعمه أبي طالب، فراغ مكانهما في دنياه، إحساسا شديد الوطأة، حتى لتقول إحدى الصحابيات (خولة بنت حكيم السلمية):
(يا رسول الله، كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة).
وثقل عليه شعور بالغربة، في بلده وبين أهله وعشيرته.
لكن بيعة العقبة الكبرى هي التي وجهت مؤشر الاحداث نحو يثرب. دون أن تنأى بمكة عن مكانها في مركز الثقل لمصير التحول.
احتشدت يثرب في انتظار المهاجر العظيم الذي لم يكن هناك أدنى
(١٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 ... » »»
الفهرست